في مشهد ثقافي تألق فيه الفن السابع… السينما العربية تتحرك مجدداً صوب العالمية

elmaouid

احتل الفن السابع صدارة المشهد الثقافي العربي بامتياز وكان الفيلم الأكثر نجاحاً للعام الحالي، هو “كفر ناحوم” لنادين لبكي الذي وصل إلى ترشيحات الغولدن غلوب الرسمية في مسابقة “أفضل فيلم أجنبي”،

خصوصاً أنّ عدد الأفلام المرشحة لمسابقة القسم الأجنبي قد يرتفع من خمسة إلى تسعة هذا العام. وكان “كفر ناحوم” قد نال جائزة لجنة التحكيم في مهرجان “كان” الدُّولي عنوة على عدة أفلام تنافست لهذه الجائزة، كما تقدّم حين تمت تغطية هذا المهرجان الفرنسي بين عدد وفير من المهرجانات التي قامت “الشرق الأوسط” بتغطيتها.

على غراره، سعت أفلام عربية كثيرة لدخول المهرجانات الدولية، بل ازداد ذلك السّعي مع إدراك السينمائيين العرب أنّ مستقبلهم مرتبط، على أكثر من نحو، في اختراق الحدود الغربية.

 

مواضيع طاغية

واشتغلت السينما العربية، كعادتها، على السائد من المواضيع والطروحات الاجتماعية والسياسية. فيلم محمود صبّـاغ تناول موضوع المرأة حيال أزمتها مع تقاليد متوارثة من الصّعب عليها تغييرها من دون استدعاء حيل وسبل فردية. هي أكبر سناً من أن تعد زوجها، الذي قرّر الزواج من امرأة أصغر سناً.

وضع المرأة كان الموضوع الغالب في أكثر من ركن عربي. هي اللب في “صوفية” لمريم بن مبارك (المغرب)، وفي “ليلى” لفوزي بن سعيدي (المغرب)، و”إلى آخر الزمن” لياسمين شويخ (الجزائر)، كما في “لعزيزة” لمحسن بصري (المغرب)، و”ورد مسموم” لأحمد فوزي صالح (مصر)، و”بلا وطن” لنرجس النجار (المغرب أيضاً).

الموضوع الطاغي الآخر هو موضوع الإرهاب والجماعات “الإسلامية المتطرفة” وهذه توفرت في “فتوى” لمحمود بن محمود (تونس)، وفي “ولدي” لمحمد بن عطية (تونس)، كما في “ريح رباني” لمرزاق علواش (الجزائر). بدوره جمع فيلم “الرحلة” لمحمد الدراجي بين البطولة النسائية والفعل الإرهابي، إذ أن بطلته تهب نفسها لقضية تكتشف لاحقاً أنّها لا تستطيع تنفيذها.

إذا ما صرفنا النظر عن كل فيلم جماهيري النشأة أنتج في مصر ولبنان والمغرب، فإنّ حصيلة الأفلام التي عالجت مواضيع اجتماعية مختلفة كثيرة بدورها. “غود مورنينغ” للبناني بهيج حجيج عن عالمين يحتضران، واحد قابع داخل مقهى متمثلا برجلين عجوزين والآخر خارج المقهى متمثلا في المدينة.

وعن المدينة ومتاعبها شاهدنا “ليل- خارجي” لأحمد عبد الله السيد. ورسم مروان حامد صورة كبيرة رائعة عن مصر تاريخاً وزماناً في “تراب الماس”، بينما نأى “المخرج المصري أيضاً أحمد فوزي صالح صوب بيئة تكمن على يسار كل البيئات المهمّشة في “ورد مسموم”. وعن الحرب في سوريا قدّم جود سعيد فيلمه الجديد “مسافرو الحرب”.

واللافت أنّه من بين الأفلام التي تستحق الذكر، كان هناك عدد منها يتناول المصابين بعاهات أو أمراض مستعصية: الجزام في “يوم الدين” (مصر)، والتوحد في “في عينيّـا” لنجيب بلقاضي (تونس).

ومن بين 48 فيلما عربيا روائيا طويلا شوهد في العام الماضي من بينها 35 فيلماً عرضت في مهرجانات عربية ودولية، جال هذا الناقد مع الاتجاهات والأساليب والغايات الكثيرة التي وفّرتها هذه الأفلام. كثير منها – إن لم يكن معظمها – كان يتضمن القدر الكافي من الأهمية، لكن ليس القدر الكافي من الإجادة.

إلى الأفلام العشرة المنتخبة هنا، كان لا بد من البحث عن فيلم العام. هناك بالطبع “كفرناحوم” للبنانية نادين لبكي على أساس نجاحه في اختراق دوائر النجاح، لكن هذا لا يكفي وحده. وفيلم “لا أحد هناك”.

والخط الجامع بين كل هذه الأفلام المنتقاة يعتمد، بدوره، على عدة معطيات بعضها يتناقض، نظرياً فقط، مع بعضها الآخر. بعض تلك الأفلام يُشهد لها فعل الابتكار (وهذا يتضح في “لا أحد هناك” على ناصية الفيلم الروائي)، وفي “لايف تايم” لحميد بن عمرة (في السينما التسجيلية). في المقابل، هناك أفلام عولجت بتأسيس كلاسيكي (كما الحال في “تراب الماس” لأحمد مجدي و”فتوى” لمحمود بن محمود)، لكنّ مستوى الاحتراف الفني كان من المستوى العالي بحيث لم يعد ابتكار الأسلوب البديل ضرورياً على الإطلاق.