في فضل قضاءِ حوائج الناس

في فضل قضاءِ حوائج الناس

الإسلام عندما يحث على السعي لقضاءِ حوائج الناس، فهو يقصد تعميق أواصر الأخوة والتلاحم بين أبناء الأمة، وتيسير أمور المسلمين بالطرق المشروعة، التي لا تُعطي الحق لغير مستحق، أو تنصرَ ظالِمًا على مظلوم، أو قويًّا على ضعيف، إلا أن الكثيرين من أبناءِ الإسلام لم يتفهموا تعاليم الشريعة في هذا الصدد، فتقاعسوا عن قضاءِ حوائج الناس، بل إن البعض يتهربون منها، ويتأفف البعض من لجوءِ الناسِ إليه لقضاء حوائجهم خاصةً إذا كان ذا وجاهةٍ، أو في سَعَةٍ من المال، وهو لا يدري أن من كان في حاجةِ أخيه كان الله في حاجته، وأن الله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه، ولئِن تَقضِي لأخيك حاجةً كأن تعلمه أو ترشده، أو تحمله أو تقرضه، أو تشفع له في خير، أفضل عند الله من ثواب اعتكافك شهرًا كاملًا.. إن قضاءُ حوائجِ المسلمين ونَفعِهم، والسعي في كشفِ كروبهم، من صفاتِ الأنبياء والرسل، فهذا الكريمُ يوسفُ عليه السلام مع ما فعله إخوته به، جهَّزهم بِجَهازهم، ولم يبخَسهم شيئًا منه. وموسى عليه السلام لَما ورد ماء مدين وجد عليه أمةً من الناس يسقون، ووجد من دونهم امرأتين مستضعفتين، فرفع الحجر عن البئر وسقى لهما حتى رُويت أغنامهما. بل إن حبيبنا النبي صلى الله عليه وسلم ضرب المثل الأعلى والنموذج الأرقى في الحرص على الخير والبر والإحسان، وفي سَعيه لقضاءِ حوائج الناس، وخاصة الضعفاء والأيتام، والأرامل والفقراء والمحتاجين والمعدمين… وها هي خديجة بنت خويلد رضي الله عنها تقول في وصف نبينا محمد صلى الله عليه وسلم: “إنك لتصلُ الرحم، وتحملُ الكل، وتُكسبُ المعدوم، وتُقري الضيف، وتُعينُ على نوائبِ الحق”. وكان أشرفُ الخلق محمدٌ صلى الله عليه وسلم إذا سُئل عن حاجة، لم يرد السائلَ عن حاجته، يقول جابر رضي الله عنه ” ما سئل رسول الله شيئًا قط فقال: لا”. وعلى هذا النهج القويم سار الصحابة الكرام والصالحون رضوان الله عليهم في قضاء الحوائج: فهذا خيرُ الأمةِ بعد نبيها الصديق أبو بكر رضي الله عنه كان يواظبُ على خدمةِ عجوزٍ مقعدة، وكان عمر بن الخطاب يتعاهدُ الأرامل يسقي لهنَّ الماء ليلًا..

 

الدكتور مسلم اليوسف