في فضل العفاف

 في فضل العفاف

حِفْظُ الفُروج من الأُمور بالغة الأهمية؛ حيث انتشر في بعض المُجتمعات التحرُّشُ الجِنسي، والتَّبرجُ والسُّفور، وكان من آثار هذه المخالفات الشرعية انتشارُ الزنا، ومحاولاتُ البحث عن طُرُق غير مشروعة لتصريف الغريزة الجِنسية، مِمَّا يترتَّب عليه زِيادةُ الأطفال اللُّقطاء، وظهورُ أمراضٍ خَطِرة، وغيابُ الأمن المُجتمعي، واهتِزازُ الاستقرار الأسري. ولِخُطورة هذه المُخالفات على المجتمعات؛ فإنَّ الإسلام بَيَّن سُبَلَ الوقايةِ منها، ووسائِلَ علاجِها، وسنكتفي هنا بإبراز فضائلِ حِفظِ الفُرُوج في الإسلام. ومن أعظمها:

– الفلاح في الدنيا والآخرة، ودخول الجنة: فقد جاء في القرآن الكريم ما يُشِير إلى أنَّ الذي يحفظ فرجَه من المفلحين، ومن المُكْرَمين في جنات النَّعيم، قال تعالى: ” قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ أُوْلَئِكَ هُمْ الْوَارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ” المؤمنون: 1-11. وقال تعالى: ” وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ أُوْلَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ ” المعارج: 29-34

– مغفرةُ الذنوب، ونيلُ الأجور العظيمة: قال الله تعالى ” وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ” الأحزاب: 35. ففي الآية تأكيدٌ على أنَّ حِفْظَ الفروج لا يختص به الرجال دون النساء، ولا العكس، وإنما الأمر على السواء، وكذلك الجزاء والأجر على السواء.

– إجابة الدعاء: فمَنْ حَفِظَ فرجَه عن الحرام؛ فإنَّ اللهَ تعالى يُفَرِّج كَرْبَه، ويستجيب دُعاءَه عند الشدائد، ويدل عليه: قصة أصحاب الغار الثلاثة، والتوسل بصالح الأعمال. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “بَيْنَمَا ثَلاَثَةُ نَفَرٍ يَتَمَشَّوْنَ أَخَذَهُمُ الْمَطَرُ، فَأَوَوْا إِلَى غَارٍ فِي جَبَلٍ، فَانْحَطَّتْ عَلَى فَمِ غَارِهِمْ صَخْرَةٌ مِنَ الْجَبَلِ، فَانْطَبَقَتْ عَلَيْهِمْ. فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: انْظُرُوا أَعْمَالاً عَمِلْتُمُوهَا صَالِحَةً لِلَّهِ، فَادْعُوا اللَّهَ تَعَالَى بِهَا، لَعَلَّ اللَّهَ يَفْرُجُهَا عَنْكُمْ” وفيه: “وَقَالَ الآخَرُ: اللَّهُمَّ إِنَّهُ كَانَتْ لِيَ ابْنَةُ عَمٍّ، أَحْبَبْتُهَا كَأَشَدِّ مَا يُحِبُّ الرِّجَالُ النِّسَاءَ، وَطَلَبْتُ إِلَيْهَا نَفْسَهَا، فَأَبَتْ حَتَّى آتِيَهَا بِمِائَةِ دِينَارٍ، فَتَعِبْتُ حَتَّى جَمَعْتُ مِائَةَ دِينَارٍ، فَجِئْتُهَا بِهَا، فَلَمَّا وَقَعْتُ بَيْنَ رِجْلَيْهَا؛ قَالَتْ: يَا عَبْدَ اللَّهِ! اتَّقِ اللَّهَ، وَلاَ تَفْتَحِ الْخَاتَمَ إِلاَّ بِحَقِّهِ، فَقُمْتُ عَنْهَا، فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ؛ فَافْرُجْ لَنَا مِنْهَا فُرْجَةً، فَفَرَجَ لَهُمْ” رواه مسلم.

– أنه سبب في ظِلِّ الله يومَ القيامة، يومَ لا ظِلَّ إلاَّ ظله، فمِنَ السَّبعة الذين يُظِلُّهم اللهُ في ظِلِّه يوم ظِلَّ إلاَّ ظِلُّه: “رَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ؛ فَقَالَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ” رواه البخاري.