“داعش”، “التيغر” و “الكوبرا” جديد هذه السنة
“داعش”، “التيغر” و “الكوبرا” هي أسماء لجديد الألعاب النارية لهذه السنة، والتي تلقى إقبالا كبيرا من قبل الأطفال وحتى الشباب، حيث أضحت هذه الفترة التي تسبق المولد النبوي الشريف مقترنة بحروب الألعاب
النارية والمفرقعات التي باتت تستهوي الجميع.
سيناريو المفرقعات الخطيرة يغزو الشوارع الجزائرية كل سنة من أجل التسلية ليلة مولد سيد الخلق، نبينا محمد خاتم الأنبياء في 12 من ربيع الأول، متجاهلين تماما المخاطر التي تشكلها على الأطفال، ناهيك عن أثمانها الباهظة، حيث تصل بعض المفرقعات التي يفوق حجمها 15 سنتيم والملقبة بأسماء غريبة كـ”داعش” و”الكوبرا ” إلى 1800 دج للعلبة الواحدة.
هذا، ويشد انتباه المتجوّل بمختلف أحياء العاصمة هذه الأيام في أول وهلة، انتشار طاولات بيع المفرقعات والألعاب النارية قبيل المولد النبوي الشريف، على اختلاف أنواعها وأصنافها، و “النوالات” التي تلقى هي الأخرى رواجا لا نضير له، إضافة إلى الشموع التي حافظت على مكانتها على مر السنين.
التحضير للاحتفال مهما كانت الأحوال
يبدأ الجزائريون الاحتفال بالمولد النبوي بفترة زمنية غير هينة، لدرجة أنه أصبح يحسب له ألف حساب من كل الجهات المعنية، للتأهب والاستعداد لمواجهة ما يترتب عن الاحتفالات من نتائج وخيمة بسبب اللعب غير المعقول بالمفرقعات والألعاب النارية التي تلحق دمارا بالجيب و آخرا بالصحة، ويشترك في هذا اللعب الناري الشباب والأطفال لتعيش الجزائر تحت وقع (القنابل) وتستيقظ بعد المولد على صمت رهيب وكأنها خرجت من معركة.
آباء يبادلون أطفالهم اللعب بالنار
اقتربت “الموعد اليومي” من بعض كبار السن، الذين أكدوا لنا جميعا أن هذا اليوم يحتفلون به منذ القدم، وهو ما تربوا عليه من طرف آبائهم وأجدادهم السابقين، لذلك لم يتخلوا عن تلك المظاهر التي ورثوها عنهم، من قراءة للقرآن وإقامة بعض العزائم في أحد المنازل والاجتماع مع الأهل والجيران في هذا اليوم الكريم للذكر والتذكر فقط، ومن أجل المحافظة على الدين الإسلامي والموروث الديني، معتبرين أن كل الاحتفالات التقليدية بهذا اليوم بدأت تندثر نوعا ما، مرجعين السبب في ذلك إلى الاحتفالات الصاخبة التي أصبحت تقام في هذا اليوم الطيب الذي ولد فيه الرسول الكريم وذلك لما يستعمل من مواد وأدوات في غاية الخطورة.
خالتي “الزهرة” التي فاق سنها السبعين سنة، أكدت لنا أن الطريقة التي أصبح ينتهجها أغلبية الأولياء في تربية أطفالهم هي سبب انتشار هذه المظاهر الغريبة في مجتمعنا، تقول “عندما يصل موعد الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، ينقلب البيت رأسا على عقب وذلك لإصرار أحفادي على آبائهم بأن يشتروا لهم هذه المفرقعات، لأجد أبنائي يذهبون ومعهم أطفالهم إلى السوق ليحضروا معهم أكياسا معبأة بهذه الأخيرة، وعندما يصلون إلى البيت يبدؤون بإفراغها أمام أطفالهم، وعندما أقوم بالسؤال عن الثمن وهو الأمر الذي يزعج أبنائي، معتبرين ذلك تدخلا في كيفية تسيير أمورهم الشخصية وتربية أطفالهم”، لتضيف قائلة: “لم نكن نفعل كل هذا وإنما كنا نربيهم على القيم الدينية والتمسك بها، فحتى فرنسا التي أرادت أن تطمس الهوية الجزائرية، و محاولاتها اليائسة في أن ترسخ عاداتها وتقاليدها وأعيادها المسيحية وفرضها علينا ومحاربتها للدين الإسلامي واستهدافها لكل ما هو متعلق به، إلا أنها لم تستطع أن تغير من معتقداتنا ومن مظاهر الاحتفال بهذا اليوم وبطريقة إسلامية، ولم تقدر أن تدخل بيننا وبين ديننا الحنيف”.
“المحيرقات” تحرق جيوب الجزائريين


اتجهنا إلى أحد الأسواق بالجزائر العاصمة التي يكثر فيها بيع المفرقعات والألعاب النارية، تزامنا مع اقتراب موعد هذا اليوم، استوقفنا مشهد لأحد الباعة وهو يعرض سلعته بشكل يلفت الانتباه مستعملا في ذلك تجارب تفجير “المحيرقات” بين يديه طالبا من الأولياء أن يقوموا بإفراح أطفالهم، خاصة و أن طاولته تحوي الكثير ومن كل أنواع الألعاب النارية، في هذا اليوم الذي يعود علينا كل سنة، وعند سؤاله عن الأسعار المتداولة هذه السنة يقول “عبد الكريم” لا جديد في هذه السنة بالنسبة للمفرقعات سوى بعض الأنواع التي دخلت عليها بعض التعديلات في الشكل و درجة التفجير، ليضاف لها اسم “دوبل بونب”، أما بالنسبة للأسعار فإن حزمة من ” المحيرقات” تباع بـ 110 دينار جزائري، أما أشد المفرقعات انتشارا والإقبال مكثف عليها هي “الشيطانة” وهي الأخرى تعدل كل سنة وسميت بهذا الاسم لأنها تتطاير هنا وهناك عند انفجارها، أما بالنسبة لسعرها فهو الآخر يتراوح بين 335 و 555 دينارا جزائريا، لتصل بعض الأنواع الأخرى من المفرقعات إلى سعر 1000 دينار جزائري”.
محدثنا لم يستطع أن يضيف الكثير وهذا لانشغاله واهتمامه بالزبائن الذين بدأوا يقبلون عليه.
أولياء مع أطفالهم يبحثون عما هو جديد في السوق ولا يهمهم السعر، المهم أن يفرحوا قلوب ابنائهم في هذا اليوم، “خالد” واحد من بين الأولياء الذين التقيناهم رفقة ابنه “رسيم” صاحب السبع سنوات، يقول محدثنا “لا يمكنني تفويت فرصة شراء المفرقعات لأطفالي في هذا اليوم، كما أنهم يصرون علي كثيرا وهو ما لا استطيع رفضه، لأنني لا أريد لأطفالي أن يبقوا مجرد متفرجين فقط وإنما أريد منهم المشاركة، خاصة و أننا نقيم مسابقة مع الجيران فيمن سيقوم باستعمال أفضل المفرقعات”.
وعن سؤالنا في حالة ما إذا كان يعرف الأضرار التي يمكن أن تنجر عن هذه المفرقعات، يقول محدثنا “أعلم بأن لها أضرار، كما أنني شاهدت الكثير من الحالات التي مسها ضرر المفرقعات من حروق وإصابات العينين بالحساسية، وكذا انصدام البعض عندما يقومون بتفجيرها أمامه، لكن هذا لم يكن دافعا قويا لكي لا أشتري الألعاب النارية في هذا اليوم، فهذا يعتبر إجحافا في حقهم وحرمانهم من المرح واللعب واللهو، خاصة أمام إصرارهم الشديد علي”، ليختتم كلامه بأنه لا يمكن أن يرفض لهم طلبا.
هذا، وأكد لنا بعض الباعة أنه على الرغم من معرفتهم بالأخطار الناجمة عن الألعاب النارية، إلا أن ظروف المعيشة دفعت بهم إلى بيعها بحكم البطالة وعدم وجود مناصب عمل تسد رمقهم، ناهيك عن الأرباح التي يمكن تحقيقها من هذه التجارة.
إن اكتساح هذه السلع للشوارع الجزائرية، وتهافت الكثيرين على اقتنائها، ما هو إلا مؤشر على تمكن الثقافات الأخرى من فرض مكانتها في أعيادنا واحتفالاتنا الدينية، واستطاعتها فرض مكانتها وسط العائلات الجزائرية.
نبيل بوفافة رئيس جمعية البيئة لولاية جيجل: “التلوث الضوضائي يهدد السمع”
تعددت مخاطر الألعاب النارية بين الصحية والبيئية والكيمائية، والأولياء في غفلة من أمرهم مرجعين سبب اقتنائهم للألعاب النارية إلى انصياعهم لمطالب أطفالهم غير مبالين بالأضرار التي يمكن أن تتسبب بها، متحججين في ذلك بأنهم يعملون على مراقبة أطفالهم ولا يمكن أن تسبب لهم أضرارا.
“الموعد اليومي” اتصلت بالسيد “نبيل بوفافة ” رئيس جمعية البيئة و المجتمع لولاية جيجل للاستفسار عن الأضرار التي يمكن أن تتسبب بها المفرقعات، ليقول بأن هذه الظاهرة ليست وليدة اليوم وإنما هي قديمة في الساحة، معتبرا بأنها جد خطيرة على الفرد و المجتمع، خاصة في ظل المبالغة الشديدة في استعمالها بين الأطفال وهذا لما تسببه من حرائق وجروح لدى مستعمليها، ناهيك عن التلوث الضوضائي الذي يؤثر على طبلة الأذن، وبالتالي يسبب خللا وظيفيا في عمل المخ قد يستمر لمدة شهر أو شهرين، معتبرا في ذات السياق بأن هذا التلوث ينتج عن الأصوات غير المرغوب فيها.
وتعتبر فئة الأطفال والمراهقون الأكثر عرضة لمخاطر هذه الألعاب في ظل غياب الرقابة الأبوية، ما يؤدي إلى إصابتهم بحروق وتشوهات مختلفة ومتفاوتة الخطورة، فضلا عن الأصوات التي تحدثها.
ولا يخفى على أي أحد الأضرار التي يمكن أن تسببها للعينين والحساسية التي تنجر عن الرماد المتناثر منها هنا وهناك، وهو ما يؤدي إلى فقدان البصر وفي أسوأ الحالات إلى فقدان العين كلها.
سامية والي لـ “الموعد اليومي”:
“مصلحة الترفيه التربوي تحتفل بالمولد النبوي بعيدا عن البدع والمفرقعات”
صرحت السيدة والي سامية لـ “الموعد اليومي” بأن مصلحة الترفيه التربوي تنظم برنامجا احتفاليا، حسبها، يختلف هذه السنة عن سابقتها، وذلك لكونها ستقوم بجمع المرضى في جو حميمي يتخلله الحديث و تبادل الأفكار بين المريضات وإحياء المولد النبوي الشريف في جو عائلي يجمع بين التقاليد وكذا بصناعة الحلويات التقليدية و تحضير “الطمينة” وتقديم كل هذا في جو عائلي.
هذا، وسيتخلل هذه السهرة برنامج ديني يتضمن عرضا لسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم، وكذا جلسة للنقاش حول العادات والتقاليد، التي تبتعد كل البعد عن البدع الدينية التي مست هذا الاحتفال، وذلك مع مرشدة دينية ومختصة في علم الاجتماع.
هذا، وستقدم هناك وصلة موسيقية ومدائح دينية وأناشيد في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم بمشاركة من المتطوعات، و أماني وتهاني ككل مناسبة دينية فيها الكثير من الحب والتآزر بين المسلمين، وللإشارة فإن هناك هدايا رمزية للمريضات و الأطفال.
وستحضر هذه الحفلة 250 مريضة من كل الأعمار، ستنشطها فنانة ستقوم بوضع الحنة لهن في جو عائلي مليء بالحب و التفاهم بينهن، كما ستقوم بإشعال الشموع و العنبر باعتبارهما لا يسببان الضرر لأي كان.