في عالم يميل للحدة في التعاطي ومعالجة الملفات والقضايا الدولية الشائكة….الدبلوماسية الجزائرية تخرس أفواه المشككين

elmaouid

تمكنت الدبلوماسية الجزائرية خلال 2016 من إسكات عديد الأبواق الداخلية والخارجية التي شككت في قدرة الجزائر على لعب دور محوري واستراتيجي في حلحلة عديد الأزمات الإقليمية والدولية والمشاركة فيها بإسداء النصح والإرشاد وتقديم الخبرة في إطار جهودها الرامية لتثبت مبدأ الحل السياسي السلمي بعيدا عن لغة الحرب والدمار والتدخل الخارجي فكان دورها محل إشادة العدو قبل الصديق، خصوصا على الصعيد

المغاربي والإفريقي والعربي والعالمي على غرار تصدير تجربتها في المحافل الدولية المتعلقة بمكافحة الإرهاب وكل أشكال الجريمة والجريمة المنظمة دون الحديث طبعا عن القضايا ذات صلة خاصة بالتنمية والاقتصاد والبيئة وإشكالاتها المتعددة الجوانب.

 

نزع فتيل الاقتتال في مالي وتعزيز مبادئ السلم والمصالحة

 

وقد حافظت الجزائر -بحسب الكثير من الخبراء المحايدين- على ثوابتها الراسخة في إحلال السلم والمصالحة الوطنية في الكثير من البلدان التي تشكو نزعات سياسية وطائفية وأخرى مسلحة على غرار نجاحها الباهر في فض النزاع في مالي التي استعادت تقريبا هدوءها رغم وقوع بعض الحوادث من حين لآخر كتشويش على جهود الجزائر خاصة بعد التوقيع على اتفاقية المصالحة في 2015 بين الفرقاء الماليين .

 

تصويب الملف الليبي وتفويت الفرصة على التدخلات الأجنبية

 

كما عملت الدبلوماسية الجزائرية كثيرا خلال 2016 على الملف الليبي الذي يشكل أحد أهم الأولويات بالنسبة للجزائر حفاظا على استقرار هذا البلد الذي تمزقه الصراعات بإيعاز من دوائر خارجية حيث حاولت الجزائر إبعادها قصد المستطاع كي يتمكن الليبيون أنفسهم من تغليب لغة الحوار بعيدا عن التدخلات الأجنبية والدليل على ذلك رعايتها خلال العام المذكور لأكثر من 55 زيارة والكثير من الاجتماعات عالية المستوى بين هؤلاء الفرقاء ناهيك عن الزيارات الماراطونية التي قادها ويقودها بعض القادة في ليبيا للجزائر التي لعبت وما تزال دورها على أكمل وجه في الوساطة الليبية التي ولا شك ستخرج بنتائج إيجابية لوضع حد للدم الليبي الذي يراق.

ونجحت الدبلوماسية الجزائرية بفضل حنكتها السياسية وسياستها الخارجية التي تتأقلم من المتطلبات الدولية للمساهمة في بلورة علاقات دولية في إطار المصالح والمبادئ في تقريب وجهات العديد من الدول ولاسيما في الاتحاد الإفريقي بشأن ملف تصفية الاستعمار فيما يخص الصحراء الغربية خاصة بعد قرار مجلس الأمن المتعلق بتمديد مهمة المينورسو إلى غاية أفريل القادم 2017 وإلزام المغرب فورا بإرجاع موظفيه الذين تم طردهم .

 

الوقوف مع الشقيقة تونس وتعزيز التعاون مع الجارة موريتانيا

 

كما نجحت الدبلوماسية خلال السنة المذكورة في تنشيط اللجنة العليا المشتركة الجزائرية الموريتانية من خلال تعزيز أواصر الأخوة بين البلدين لبلورة علاقة مستقبلية تهدف إلى تجسيد تنمية اقتصادية من منظور يؤسس لبناء مغرب عربي موحد، كما اجتهدت  الدبلوماسية نفسها في الإطار ذاته من مساعدة تونس الجريحة التي تعاني ويلات الإرهاب وأزمات ظرفية في جميع القطاعات لتحقيق الاستقرار المنشود باعتبار أن استقرار المنطقة يهم الجميع.

 

بن شريط: الدبلوماسية الجزائرية كانت حاضرة بقوة في طرح الحلول والبدائل

 

وأشار بن شريط عبد الرحمان، أستاذ الفلسفة السياسية، في تصريح لـ”الموعد اليومي” بأن الدبلوماسية الجزائرية خلال 2016 حاولت من خلال عدة نشاطات، استرجاع مكانتها الطبيعية من أجل تلميع صورة الجزائر في الخارج وذلك بحلحلة بعض المعضلات الأمنية المرتبطة بأمن واستقرار المنطقة.

وأوضح بن شريط عبد الرحمان بأن الدبلوماسية الجزائرية بينت بأن الجزائر تملك فلسفة خارجية خاصة تعتمد على الوسطية بعيدا عن الأجندات والأكثر من ذلك كانت دائما طرفا محايدا في الصراعات كما حدث في الملف الليبي وفي بعض الملفات في الشرق الأوسط.

وشدد المتحدث بأن الدبلوماسية الجزائرية كانت دائما وأبدا عنصرا فاعلا يطرح الحلول والبدائل في الصراعات بين الأطراف المتنازعة من زاوية تعتبر نفسها فيها بأنها تملك القدرة على الاتصال مع جميع الجهات خاصة في ظل عالم يميل للحدة في التعاطي مع الملفات والمشاكل. كما شدد المتحدث على أن الجزائر بمواقفها الثابتة بعيدا عن الإيديولوجيات السياسية المرتبطة بطرف ما في المجتمع العربي جعلها محل انتقادات بعض الدول واتهامها بالخروج عن الصف العربي في إشارة للملف اليميني وغيره رغم أن سياستها مبنية على عدم التدخل في شؤون الدول الداخلية.

 

سليم قلالة: السياسة الخارجية حققت مكاسب هامة مقارنة بالسياسة الداخلية

 

من جهته يرى أستاذ العلوم السياسية الدكتور سليم قلالة بأن السياسة الخارجية للجزائر خلال 2016 حققت مكاسب جد هامة مقارنة بالسياسة الداخلية التي يبقى أداؤها متواضعا، مشيرا بأنه يفترض أن تكون السياسية الخارجية انعكاسا للسياسة الداخلية.

وأوضح الأستاذ قلالة بأن السياسة الخارجية الجزائرية حافظت على  وتيرة العمل والاجتهاد نفسها التي تبنتها خلال السنوات الفارطة غير  أن الدبلوماسية السياسية لم تتحول إلى الدبلوماسية الاقتصادية التي تلعب فيها البعثات دورا مهما للمساهمة في تنمية البلاد .

كما أوضح محدثنا بأن البعثات المذكورة كانت وما تزال بمثابة نقطة سوداء في السياسة الاقتصادية والدبلوماسية بشكل عام بدليل أن أغلب المستثمرين يشكون من ضعف هذه البعثات الدبلوماسية في الخارج والتي لا تجتهد كثيرا من الناحية الاقتصادية .

 

رزاقي: يجب على الدبلوماسية الجزائرية أن تعزز علاقاتها وتحالفاتها بشكل قوي

 

أما المحلل السياسي عبد العالي رزاقي فيعتقد بأن هناك خطأ شاب الدبلوماسية الجزائرية خلال 2016 رغم المجهودات التي قدمتها على الصعيد الدولي وذلك حينما عملت برأسين ووزارتين اثنتين بالسيد وزير الشؤون المغاربية والاتحاد الإفريقي والجامعة العربية عبد القادر مساهل، ووزير الشؤون الخارجية والتعاون رمطان لعمامرة، ما أدى إلى وقوع أخطاء -بحسبه- على غرار ما حدث في المنتدى الاقتصادي الافريقي الذي احتضنته الجزائر وأدى برئيس الوزراء عبد المالك سلال إلى الانسحاب.

ويعتقد عبد العالي رزاقي بأن تعيين وزير ثان مع رمطان لعمامرة الذي يعتبر أهم وزير أحدث نوعا ما تراجعا في أداءات الدبلوماسية الجزائرية، مبديا بعض التحفظات حول تبني الدبلوماسية الجزائرية سياسة الاستقبالات دون المبادرة بالخروج، كما كانت تفعل في السنوات الماضية وفي فترة من الفترات، مثمنا آداء السيد بوطرفة وزير الطاقة الذي لعب دور مهما لأول مرة وأعطى مثالا حيا حول سياسة المبادرة والذهاب إلى الأطراف المعنية دون الاكتفاء بتوجيه لها الدعاوى واستقبالها فقط.

كما يعتقد رزاقي بأنه يجب على الدبلوماسية الجزائرية أن تعزز من علاقاتها وتحالفاتها بشكل قوي وقوي جدا لحلحلة بعض الملفات على غرار الملف الليبي والمالي الذي يشهد دخول أطراف متعددة فيه، مثل الطرف الفرنسي، والتي أصبحت تستغل بعض العيوب في هذا الملف لاستعمالها ضد الجزائر.