الجزائر- أثار قرار الحكومة إدراج بند خاص بالضريبة على الثروة في مشروع قانون المالية لعام 2018 المرتقب إحالته على البرلمان نهاية أكتوبر الجاري، للمرة الأولى في تاريخ البلاد، جدلا كبيرا وسط الجزائريين وكذا بين
كبار رجال المال والأعمال.
وحسب التفاصيل التي تضمنها قانون المالية لعام 2018، فإن الضريبة على الممتلكات ستقتطع سنويا بما يعادل 1 بالمائة من الثروات التي تصل إلى 50 مليون دينار جزائري، على أن ترتفع كلما ارتفعت القيمة، على ألا يتعدى الاقتطاع 3.5 بالمائة من الأموال السائلة كالعقارات والسيارات والمجوهرات، وستقسم عائداتها بين الخزينة العمومية التي ستحول لها 60 بالمائة و20 بالمائة إلى الصندوق الوطني للسكن.
وطرح متابعون للشأن الاقتصادي تساؤلات حول الطريقة التي ستلجأ إليها حكومة أحمد أويحيى لتحصيل الضريبة على الثروة في ظل غياب معلومات كافية على ثروة الجزائريين.
وأرجع خبراء أصل فرض هذا النوع من الضريبة على الثروة إلى عدة أهداف فهي مناسبة لتحقيق العدالة الجبائية بتوزيع التكاليف العمومية وتشجيع قيم التضامن والتآزر بين فئات المجتمع، كما تساهم في دعم التماسك الاجتماعي، و إقرار العدالة الاجتماعية، و إعادة توزيع الثروة في إطار تضامني بين مختلف فئات المجتمع. فالضريبة على الممتلكات أو الثروة تحظى بمكانة هامة في البلدان المتقدمة، وتعتبر فرنسا من الدول الوفية لها وقد طبقتها لأول مرة عام 1982.
ومع ظهور بوادر الأزمة المالية الخانقة في العديد من الدول اضطر عدد من الدول لفرض الضريبة على الممتلكات كمصدر تمويل جديد يساعد على تقليص عجز الموازنة.
غير أن محللين اقتصاديين استبعدوا نجاح هذا الإجراء، ولن يكون حسبهم عند تطلعات الحكومة الجزائرية لأنه سيصطدم بعدة قضايا هامة، أبرزها مسألة “التصريح بالممتلكات”، فالعديد من المسؤولين في البلاد يتحاشون التصريح بممتلكاتهم، رغم أنهم مجبرون على ذلك وفقا لما تنص عليه المادة 4 من القانون 06- 01 المتعلق بالوقاية ومكافحة الفساد التي جاء فيها ما يلي “قصد ضمان الشفافية في الحياة السياسية، يلزم الموظف العمومي بالتصريح بممتلكاته”.
وضبطت المادة 6 من نفس القانون المعنيين بالتصريح بممتلكاتهم وهم كل من نواب البرلمان وأعضاء الحكومة والسفراء والقناصلة وغيرهم.
وأجمع عدد من المتتبعين للشأن الاقتصادي على أن فرض الضريبة على الثروة سيساهم في فرار الأموال إلى الخارج، خاصة وأن الجزائر لا تملك معلومات كافية عن ثروات الجزائريين، فأغلبها موجودة خارج القنوات الرسمية.
وكان الوزير الأول أحمد أويحيى، قد أكد خلال رده على نواب البرلمان، أن الضريبة الجديدة لن تمس 90 بالمائة من الجزائريين، أي أن التحصيل الجبائي سيمس أربعة ملايين ثري من الجزائريين يكتنزون ثروات وادخارات مالية في البنوك.