انطلق موسم السياحة الصحراوية، منذ بداية أكتوبر المنصرم، ويمتد إلى شهر مارس 2021، وغالبا ما تستغل الأسر الجزائرية عطلات الخريف ورأس السنة والشتاء والربيع للانتقال إلى مناطق الجنوب، وغالباً ما تكون وجهتها الواحات وشمال الصحراء والحمامات المعدنية على غرار زلفانة في ولاية غرداية.
فمع عطلة نهاية كل أسبوع يحزم بعض الجزائريين أمتعتهم في اتجاه أحد الفنادق والمنتجعات في المناطق الداخلية التي أصبحت تقدم عروضاً مغرية، أملاً في أن تجد من يشغل غرفها وبيوتها الخالية من الروّاد منذ بداية جائحة كورونا في الجزائر، وإعلان غلق الحدود في شهر مارس الماضي.
عروض مغرية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه
يخطط أيوب لقضاء بضعة أيام في جنوب البلاد هذه السنة، رغم أنه كان من الزوّار الأوفياء للجارة تونس مع عائلته طيلة سنوات طويلة، وذلك بعد أن قرأ عن عروض مغرية “هي فرصة للترويح عن النفس واكتشاف صحراء الجزائر. كما أن العرض يعتبر مغرياً بالنسبة إليّ كربّ أسرة”.
ولطالما كانت الضفة الشمالية وجهة مفضلة للجزائريين، لكن بسبب كورونا وإغلاق الحدود، قد تكون السياحة الداخلية نقطة الأمل التي يتعلق بها أهل القطاع في الجزائر لتعويض ما تركته تداعيات الأزمة التي أحالت القطاع وأهله إلى البطالة الإجبارية.
آمال معلّقة لتعويض الخسارة
وخلال هذا الموسم، يحاول مهنيو القطاع استغلاله لتعويض خسارتهم التي تكبدوها جرّاء أزمة كورونا عبر الترويج لعروض مغرية تقوم خصوصاً على تخفيض الأسعار، على أمل استقطاب الجزائريين في ظل تعذر قدوم السواح الأجانب بسبب إغلاق الحدود منذ مارس الماضي، علما أن الأجانب لا يمثلون سوى 20 في المئة من عدد السواح القاصدين المناطق الصحراوية ولا يتوقع توافدهم على الجزائر خلال هذا الموسم. في المقابل تفيد الأرقام بأن نسبة الحجوزات في الفنادق الصحراوية من طرف الجزائريين لم تتجاوز نسبة 20 في المئة من قدرتها الاستيعابية، ويشتكي المهنيون من إهمال القطاع في مقابل الاهتمام بقطاعات أخرى.
“كورونا”.. قد تنعش السياحة الصحراوية
قال بعض مدراء الوكالات السياحية، إن انتشار وباء “كورونا”، من شأنه أن يكون عاملا مهما لإنعاش السياحة الصحراوية، رغم صعوبة تنظيم خرجات خلال هذه الأزمة الصحية التي تفرض التقيد بالعديد من إجراءات الوقاية، إذ ليس من السهل التعامل مع بعض المواطنين، لتمردهم على الإلتزام ببعض الإجراءات، غير أنه مع ذلك، تحاول الوكالات جاهدة، حسبهم، كسر أجواء الأزمة من خلال سعيها لاستئناف نشاطها، لاسيما من خلال الترويج للسياحة المحلية، بما فيها الصحراوية.
مراهنة على عدم التأثير على الصحة العمومية
تعتمد الوكالات السياحية على التخييم من أجل الترويج للوجهة الصحراوية، والتي من شأنها عدم التأثير على الصحة العمومية، نظرا للأوضاع الراهنة، ولا يمكن المرور عبر صحرائنا دون تجربة التخييم، في مغامرة فريدة من نوعها، فجمال الصحراء وحده يكفي لخلق ذلك الديكور الذي يبحث عنه السائح الراغب في الخروج من أجواء المدينة الصاخبة، بضوضائها غير المريحة.
من جهة أخرى، يتوقع بعض أصحاب الوكالات السياحية بالجنوب أن السياحة الصحراوية هذا الموسم، ستسجل عجزا كبيرا، على غرار ما هو مسجل عند أصحاب الوكالات السياحية في الشمال، ويذكر أن وجهة الجنوب الجزائري تستقطب سنويا حوالي 125 ألف سائح وطني، وما يزيد عن 4 آلاف سائح أجنبي، إلا أن عجزه هذه السنة مرجعه، حسب نفس المتحدث، إلى غلق الحدود، وهو ما سيكلف وكالات السياحة بالجنوب الكثير، حيث تعتمد بشكل خاص على هذا الموسم لإنعاش قطاعها، ليس ذلك فقط، إنما للمرشدين السياحيين بالمنطقة أيضا، وكذا أصحاب الحرف اليدوية والتقليدية، الذين ليس أمامهم سوى فرصة واحدة في السنة أو فرصتين على الأكثر للترويج وإنعاش اقتصاد المنطقة.
الصحراء قبلة الشباب
من جهة أخرى، أشار صاحب صفحة “فايسبوك” مهتمة بتنظيم خرجات تخييم داخل الوطن، تحت شعار “ميزانية صغيرة”، موجهة عادة للشباب الذين يتمتعون بروح المغامرة، أن تنظيم خرجات نحو الجنوب خلال هذه المرحلة “الحرجة”، كان مطلب العديد من الزبائن الذين سبق التعامل معهم، موضحا أن السياحة الصحراوية تبقى الوجهة “المميزة للجزائر”، التي تنفرد بها عن باقي الوجهات العالمية، لخصوصيتها في ديكور طبيعي يحبس الأنفاس ويأسر الألباب، مضيفا أن الحكومة اليوم، تولي اهتماما خاصا بهذه الوجهة، من خلال فتح مسالك جديدة بمناطق الجنوب والهضاب العليا، والدعوة إلى تنويع النشاطات السياحية، ووضع بنية تحتية، إذ يساهم كل ذلك بشكل “ملموس”، حسبه، في رفع مستوى الخدمات السياحية وترقيتها، إلى جانب تكريس التنافسية بين مختلف المتعاملين السياحيين في مجال الخدمات المقدمة للزبائن، من خلال توفير منتوج سياحي جذاب، كل هذا ساعد في جذب السواح من مختلف دول العالم.
في نفس الصدد، قال المتحدث، إن السياحة الصحراوية اليوم، في ظل الأوضاع الصحية الراهنة، ستسجل عجزا كبيرا، بسبب وقف الحركة من وإلى الجزائر، حيث تعد الجزائر واحدة من أصل 18 دولة أمرت بالغلق الكلي لحدودها، لتسجل حركة بعض الهواة من الشباب وعشاق المغامرة لتنظيم خرجات، في إطار التخييم بعيدا عن شبح الخوف من انتقال العدوى داخل المرافق السياحية.
لمياء. ب