في ظلال اية

في ظلال اية

قال تعالى ” وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ” الأنعام 152.

قال تعالى ” وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ ” بأكل، أو معاوضة على وجه المحاباة لأنفسكم، أو أخذ من غير سبب. ” إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ” أي: إلا بالحال التي تصلح بها أموالهم، وينتفعون بها. فدل هذا على أنه لا يجوز قربانها، والتصرف بها على وجه يضر اليتامى، أو على وجه لا مضرة فيه ولا مصلحة، ” حَتَّى يَبْلُغَ ” اليتيم ” أَشُدَّه ” أي: حتى يبلغ ويرشد، ويعرف التصرف، فإذا بلغ أشده، أُعطي حينئذ مالُه، وتصرف فيه على نظره. ” وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ ” أي: بالعدل والوفاء التام، فإذا اجتهدتم في ذلك، فـ ” لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ” أي: بقدر ما تسعه، ولا تضيق عنه. فمَن حرَص على الإيفاء في الكيل والوزن، ثم حصل منه تقصير لم يفرط فيه، ولم يعلمه، فإن الله عفو غفور . وبهذه الآية ونحوها استدل الأصوليون، بأن الله لا يكلف أحدا ما لا يطيق، وعلى أن من اتقى الله فيما أمر، وفعل ما يمكنه من ذلك، فلا حرج عليه فيما سوى ذلك. ” وَإِذَا قُلْتُمْ ” قولا تحكمون به بين الناس، وتفصلون بينهم الخطاب، وتتكلمون به على المقالات والأحوال ” فَاعْدِلُوا” في قولكم، بمراعاة الصدق فيمن تحبون ومن تكرهون، والإنصاف، وعدم كتمان ما يلزم بيانه، فإن الميل على من تكره بالكلام فيه أو في مقالته من الظلم المحرم.

من تفسير السعدي