في ظلال أية

في ظلال أية

قال تعالى ” يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ قَدْ جَآءَتْكُم مَّوْعِظَةٌۭ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَآءٌۭ لِّمَا في ٱلصُّدُورِ وَهُدًۭى وَرَحْمَةٌۭ لِّلْمُؤْمِنِينَ ” يونس 57.

 

يقول تعالى مرغبا الخلق, في الإقبال على هذا الكتاب الكريم, بذكر أوصافه الحسنة الضرورية للعباد فقال: ” يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ ” أي: تعظكم, وتنذركم عن الأعمال الموجبة لسخط الله, المقتضية لعقابه, وتحذركم عنها ببيان آثارها ومفاسدها.  ” وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ ” وهو: هذا القرآن, شفاء لما في الصدور, من أمراض الشهوات الصادرة عن الانقياد للشرع, وأمراض الشبهات, القادحة في العلم اليقيني. فإن ما فيه من المواعظ, والترغيب, والترهيب, والوعد والوعيد, مما يوجب للعبد الرغبة والرهبة. وإذا وجدت فيه الرغبة في الخير, والرهبة عن الشر, ونمتا على تكرر ما يرد إليها, من معاني القرآن, أوجب ذلك, تقديم مراد الله على مراد النفس, وصار ما يرضي الله, أحب إلى العبد من شهوة نفسه. وكذلك ما فيه, من البراهين, والأدلة, التي صرفها الله, غاية التصريف, وبينها أحسن بيان, مما يزيل الشبه القادحة في الحق, ويصل به القلب إلى أعلى درجات اليقين.

من تفسير ابن كثير