قال تعالى ” وَجَآءُوٓ أَبَاهُمْ عِشَآءًۭ يَبْكُونَ قَالُواْ يَٰٓأَبَانَآ إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِندَ مَتَٰعِنَا فَأَكَلَهُ ٱلذِّئْبُ وَمَآ أَنتَ بِمُؤْمِنٍۢ لَّنَا وَلَوْ كُنَّا صَٰدِقِينَ ” يوسف 16-17.
يَقُول تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ الَّذِي اِعْتَمَدَهُ إِخْوَة يُوسُف بَعْدَمَا أَلْقَوْهُ فِي غَيَابَة الْجُبّ ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى أَبِيهِمْ فِي ظُلْمَة اللَّيْل يَبْكُونَ وَمُظْهِرُونَ الْأَسَفَ وَالْجَزَعَ عَلَى يُوسُف وَيَتَغَمَّمُونَ لِأَبِيهِمْ وَقَالُوا مُعْتَذِرِينَ عَمَّا وَقَعَ فِيمَا زَعَمُوا . ” إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِق ” أَيْ نَتَرَامَى” وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعنَا ” أَيْ ثِيَابنَا وَأَمْتِعَتنَا” فَأَكَلَهُ الذِّئْب ” وَهُوَ الَّذِي كَانَ قَدْ جَزِعَ مِنْهُ وَحَذِرَ عَلَيْهِ وَقَوْله ” وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ” تَلَطُّف عَظِيم فِي تَقْرِير مَا يُحَاوِلُونَهُ يَقُولُونَ وَنَحْنُ نَعْلَم أَنَّك لَا تُصَدِّقنَا وَالْحَالَة هَذِهِ لَوْ كُنَّا عِنْدك صَادِقِينَ فَكَيْف وَأَنْتَ تَتَّهِمنَا فِي ذَلِكَ لِأَنَّك خَشِيت أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْب فَأَكَلَهُ الذِّئْب فَأَنْتَ مَعْذُور فِي تَكْذِيبك لَنَا لِغَرَابَةِ مَا وَقَعَ وَعَجِيب مَا اِتَّفَقَ لَنَا فِي أَمَرْنَا هَذَا .