قال تعالى ” فَعَقَرُوهَا فَقَالَ تَمَتَّعُواْ فِى دَارِكُمْ ثَلَٰثَةَ أَيَّامٍۢ ذَٰلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍۢ ” هود 65.
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : ” فَعَقَرُوهَا فَقَالَ تَمَتَّعُوا فِي دَاركُمْ ثَلَاثَة أَيَّام ذَلِكَ وَعْد غَيْر مَكْذُوب ” يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَعَقَرَتْ ثَمُود نَاقَة اللَّه . وَفِي الْكَلَام مَحْذُوف قَدْ تُرِكَ ذِكْره اِسْتِغْنَاء بِدَلَالَةِ الظَّاهِر عَلَيْهِ , وَهُوَ : فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا . فَقَالَ لَهُمْ صَالِح : ” تَمَتَّعُوا فِي دَاركُمْ ثَلَاثَة أَيَّام ” يَقُول : اِسْتَمْتِعُوا فِي دَار الدُّنْيَا بِحَيَاتِكُمْ ثَلَاثَة أَيَّام . ” ذَلِكَ وَعْد غَيْر مَكْذُوب ” يَقُول : هَذَا الْأَجَل الَّذِي أَجَّلْتُكُمْ وَعْد مِنْ اللَّه , وَعَدَكُمْ بِانْقِضَائِهِ الْهَلَاك , وَنُزُول الْعَذَاب بِكُمْ غَيْر مَكْذُوب , يَقُول : لَمْ يَكْذِبكُمْ فِيهِ مَنْ أَعْلَمَكُمْ ذَلِكَ . حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ” فَعَقَرُوهَا فَقَالَ تَمَتَّعُوا فِي دَاركُمْ ثَلَاثَة أَيَّام ذَلِكَ وَعْد غَيْر مَكْذُوب ” وَذُكِرَ لَنَا أَنَّ صَالِحًا حِين أَخْبَرَهُمْ أَنَّ الْعَذَاب أَتَاهُمْ لَبِسُوا الْأَنْطَاع وَالْأَكْسِيَة , وَقِيلَ لَهُمْ : إِنَّ آيَة ذَلِكَ أَنْ تَصْفَرّ أَلْوَانكُمْ أَوَّل يَوْم , ثُمَّ تَحْمَرّ فِي الْيَوْم الثَّانِي , ثُمَّ تَسْوَدّ فِي الْيَوْم الثَّالِث ! وَذُكِرَ لَنَا أَنَّهُمْ لَمَّا عَقَرُوا النَّاقَة نَدِمُوا وَقَالُوا : عَلَيْكُمْ الْفَصِيل ! فَصَعِدَ الْفَصِيل الْقَارَّة – وَالْقَارَّة الْجَبَل – حَتَّى إِذَا كَانَ الْيَوْم الثَّالِث , اِسْتَقْبَلَ الْقِبْلَة وَقَالَ : يَا رَبّ أُمِّي ! يَا رَبّ أُمِّي ! ثَلَاثًا . قَالَ : فَأُرْسِلَتْ الصَّيْحَة عِنْد ذَلِكَ وَكَانَ اِبْن عَبَّاس يَقُول : لَوْ صَعِدْتُمْ الْقَارَّة لَرَأَيْتُمْ عِظَام الْفَصِيل . وَكَانَتْ مَنَازِل ثَمُود بِحِجْر بَيْن الشَّام وَالْمَدِينَة.