في ظلال آية

في ظلال آية

 

قال تعالى ” الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا وَهُم بِالْآخِرَةِ كَافِرُونَ وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيمَاهُمْ وَنَادَوْا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَن سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ” الأعراف 45-46.

صدفوا أنفسهم عنها ظلما، وصدوا عن سبيل اللّه بأنفسهم، وصدوا غيرهم، فضلوا وأضلوا. واللّه تعالى يريد أن تكون مستقيمة، ويعتدل سير السالكين إليه، ” و ” هؤلاء يريدونها ” عِوَجًا ” منحرفة صادة عن سواء السبيل، ” وَهُمْ بِالْآخِرَةِ كَافِرُونَ ” وهذا الذي أوجب لهم الانحراف عن الصراط، والإقبال على شهوات النفوس المحرمة، عدم إيمانهم بالبعث، وعدم خوفهم من العقاب ورجائهم للثواب، ومفهوم هذا النداء أن رحمة اللّه على المؤمنين، وبرَّه شامل لهم، وإحسانَه متواتر عليهم. وبين أصحاب الجنة وأصحاب النار حجاب يقال له: ” الأَعْرَاف ” لا من الجنة ولا من النار، يشرف على الدارين، وينظر مِنْ عليه حالُ الفريقين، وعلى هذا الحجاب رجال يعرفون كلا من أهل الجنة والنار بسيماهم، أي: علاماتهم، التي بها يعرفون ويميزون، فإذا نظروا إلى أهل الجنة نَادَوْهم ” أَنْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ ” أي: يحيونهم ويسلمون عليهم، وهم – إلى الآن – لم يدخلوا الجنة، ولكنهم يطمعون في دخولها، ولم يجعل اللّه الطمع في قلوبهم إلا لما يريد بهم من كرامته.

من تفسير السعدي