قال تعالى ” اتَّبِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ وَكَم مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا أَوْ هُمْ قَائِلُونَ ” الأعراف 3-4.
ثم خاطب اللّه العباد، وألفتهم إلى الكتاب فقال: ” اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ ” أي: الكتاب الذي أريد إنزاله لأجلكم، وهو: ” مِنْ رَبِّكُمْ ” الذي يريد أن يتم تربيته لكم، فأنزل عليكم هذا الكتاب الذي، إن اتبعتموه، كملت تربيتكم، وتمت عليكم النعمة، وهديتم لأحسن الأعمال والأخلاق ومعاليها “وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ” أي: تتولونهم، وتتبعون أهواءهم، وتتركون لأجلها الحق. ” قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ ” فلو تذكرتم وعرفتم المصلحة، لما آثرتم الضار على النافع، والعدو على الوليِّ. ثم حذرهم عقوباته للأمم الذين كذبوا ما جاءتهم به رسلهم، لئلا يشابهوهم فقال: ” وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءَهَا بَأْسُنَا ” أي: عذابنا الشديد ” بَيَاتًا أَوْ هُمْ قَائِلُونَ ” أي: في حين غفلتهم، وعلى غرتهم غافلون، لم يخطر الهلاك على قلوبهم. فحين جاءهم العذاب لم يدفعوه عن أنفسهم، ولا أغنت عنهم آلهتهم التي كانوا يرجونهم، ولا أنكروا ما كانوا يفعلونه من الظلم والمعاصي.
من تفسير السعدي