قال تعالى ” فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى_ عَلَى_ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ ” الأعراف 136-137.
يُخْبِر تَعَالَى أَنَّهُمْ لَمَّا عَتَوْا وَتَمَرَّدُوا مَعَ اِبْتِلَائِهِ إِيَّاهُمْ بِالْآيَاتِ الْمُتَوَاتِرَة وَاحِدَة بَعْد وَاحِدَة اِنْتَقَمَ مِنْهُمْ بِإِغْرَاقِهِ إِيَّاهُمْ فِي الْيَمّ وَهُوَ الْبَحْر الَّذِي فَرَقَهُ لِمُوسَى فَجَاوَزَهُ وَبَنُو إِسْرَائِيل مَعَهُ ثُمَّ وَرَدَهُ فِرْعَوْن وَجُنُوده عَلَى إِثْرهمْ فَلَمَّا اِسْتَكْمَلُوا فِيهِ اِرْتَطَمَ عَلَيْهِمْ فَغَرِقُوا عَنْ آخِرهمْ وَذَلِكَ بِسَبَبِ تَكْذِيبهمْ بِآيَاتِ اللَّه وَتَغَافُلهمْ عَنْهَا . ” وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ ” في الأرض, أي: بني إسرائيل, الذين كانوا خدمة لآل فرعون, يسومونهم سوء العذاب أورثهم اللّه ” مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا ” والمراد بالأرض ههنا, أرض مصر, التي كانوا فيها مستضعفين, أذلين أي: ملكهم اللّه جميعا, ومكنهم فيها ” الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا ” حين قال لهم موسى ” اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ” .
” وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ ” من الأبنية الهائلة, والمساكن المزخرفة ” وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ ” فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا, إن في ذلك لآية لقوم يعلمون.