قال تعالى ” فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَ_ذَا الْأَدْنَى_ وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِن يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِّثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِم مِّيثَاقُ الْكِتَابِ أَن لَّا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ وَالدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ” الأعراف 169.
قال تعالى ” فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ ” زاد شرهم ” وَرِثُوا ” بعدهم ” الْكِتَابُ ” وصار المرجع فيه إليهم, وصاروا يتصرفون فيه بأهوائهم, وتبذل لهم الأموال, ليفتوا ويحكموا, بغير الحق, وفشت فيهم الرشوة. ” يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى وَيَقُولُونَ ” مقرين بأنه ذنب وأنهم ظلمة: ” سَيُغْفَرُ لَنَا ” وهذا قول خال من الحقيقة, فإنه ليس استغفارا وطلبا للمغفرة على الحقيقة. فلو كان ذلك, لندموا على ما فعلوا, وعزموا على أن لا يعودوا.
ولكنهم – إذا أتاهم عرض آخر, ورشوة أخرى – يأخذونه. فاشتروا بآيات اللّه ثمنا قليلا, واستبدلوا الذي هو أدنى, بالذي هو خير. قال اللّه تعالى – في الإنكار عليهم, وبيان جراءتهم-: ” أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لَا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ.
فما بالهم يقولون عليه غير الحق, اتباعا لأهوائهم, وميلا مع مطامعهم.
والحال أنهم قد ” وَدَرَسُوا مَا فِيهِ ” فليس عليهم فيه إشكال, بل قد أتوا أمرهم متعمدين, وكانوا في أمرهم مستبصرين. وهذا أعظم للذنب, وأشد للوم, وأشنع للعقوبة.