كانت الساعة تشير إلى التاسعة ونصف تماما عندما وقفنا أمام أحد مراكز الامتحان، كانت القبلة ثانوية ابن الناس بالجزائر العاصمة، التي عاشت كباقي الثانويات أجواء من القلق والتوتر التي صنعها المترشحون
بنفسيتهم المحبطة، ومزاجهم المعكر ووجوههم المصفرة، خوفا من التعثر قبيل لحظات قليلة من الجلوس فوق كراسي الامتحان، والانطلاق الفعلي للامتحانات النهائية للتعليم الثانوي.
يجري المترشحون لنيل شهادة البكالوريا رسميا امتحاناتهم وسط إجراءات وظروف غير عادية وحالة طوارئ قصوى وضعتها وزارة بن غبريت لتفادي سيناريو بكالوريا 2016، إلى جانب الارتفاع الشديد في درجات الحرارة وتزامنها مع شهر رمضان.
الخوف من التسرب حوّل مراكز الامتحانات لمراكز للأمن
تجنبا للسيناريو الذي عاشته الجزائر السنة الماضية وتخوفا من التسربات التي شملت أغلب مواضيع وأسئلة دورة جوان 2016 والتي صنعت أكبر فضيحة في تاريخ الجزائر المستقلة، والتي كادت أن تفجر الوضع السياسي والاجتماعي، بسبب تداول أسئلة مخصصة لامتحان بحجم شهادة البكالوريا على مواقع التواصل الاجتماعي كمعلومة رخيصة، وكذا اعتماد بعض المترشحين لطرق الغش عن طريق تقنيات “البلوتوث” وغيرها، ما جعل ولأول مرة الحكومة تقرر دورة ثانية للبكالوريا لثلاث شعب في سابقة فريدة من نوعها لم تعشها البلاد من قبل.
كل هذه الظروف جعلت الجهات الوصية تحرص كل الحرص على تشديد الرقابة سواء داخل قاعات الامتحانات أو داخل المراكز بتجهيزها بمختلف المعدات الخاصة بالتشويش وكشف محاولات الغش، فيما تم تأمين جميع المواقع وفق مخطط مصادق عليه من طرف وزارة الداخلية والجماعات المحلية مع إعادة تأهيل المقر الجهوي للديوان الوطني للامتحانات والمسابقات بالعاصمة، وتقليص عدد المراكز التي تحفظ فيها مواضيع الامتحان، كما تم تركيب كاميرات وأجهزة مراقبة على مستوى مراكز طبع الأسئلة، ناهيك عن المخططات الاستثنائية لمصالح الدرك الوطني والأمن على حد سواء لتأمين مراكز الامتحانات عبر مختلف ولايات الوطن، كما تم تجنيد وحدات خاصة للحماية المدنية تحسبا لأي طارئ بسبب موجة الحر وتزامنها مع شهر الصيام.
لأول مرة.. امتحانات البكالوريا في رمضان
يجتاز أزيد من 761 ألف مترشح لنيل شهادة البكالوريا هذه السنة وسط ظروف استثنائية سواء ما تعلق بجانب تزامن الامتحانات مع شهر رمضان والارتفاع المحسوس في درجة الحرارة و التي قد تصل إلى حدود 47 و 50 درجة مئوية بالمدن الجنوبية للوطن وهو ما وضع المترشحين بين مطرقة الحرارة وسندان الصيام، الأمر الذي فتح الأبواب على مصراعيها للفتوى بإجازة إفطار مترشحي البكالوريا طيلة أيام الامتحان، وهو ما يرفضه أغلبية المترشحين الذين يفضلون الصيام مؤكدين بأنه لن يكون عائقا أمام تمكنهم من التركيز مبدين تخوفهم من نوعية الأسئلة بالدرجة الأولى والتي كانت قد أوضحت بشأنها وزيرة القطاع بأنها ستكون واضحة وفي متناول جميع الذين راجعوا الدروس التي تدخل ضمن المقرر السنوي للعام الدراسي الجاري.
عقوبات رادعة لكل محاولة غش
أقرت وزارة بن غبريت جملة من العقوبات الاستثنائية التي تم اتخاذها ضد المرشحين لاجتياز شهادة البكالوريا على رأسها، منع جميع الذين يتم توقيفهم في حالة غش من مواصلة الامتحان وإقصائهم لمدة عشر سنوات كاملة. هذا، ويخضع المترشحون لعملية تفتيش واسعة قبل دخول حجرات الدراسة مع منع الممتحنين من التوجه إلى المراحيض إلا للضرورة القصوى وتعيين أستاذين أو حارسين يصاحبان الممتحن إلى دورة المياه في حالة وجوب ذلك، كما يمنع منعا باتا دخول الهواتف النقالة وأجهزة الغش البلوتوث وغيرها إلى مراكز الامتحانات. فيما وضعت إجراءات خاصة وتعليمات لجميع الممتحنين بالتواجد نصف ساعة قبل انطلاق الامتحان أو الوقت الرسمي الذي يتضمنه التوقيت الخاص بانطلاق الامتحانات طوال فترة الدورة.