في رحاب ثورة نوفمبر

في رحاب ثورة نوفمبر

 

يقول الحق تبارك وتعالى في محكم تنزيله : ” وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين” الذريات55، يحي الشعب الجزائري ذكرى عزيزة عليه، ذكرى ثورة نوفمبر 1954، هذه الثورة المباركة التي وضعت حدا لاستعمار مقيت دام أكثر من 130 عاما، ذاق خلالها الشعب الجزائري أحداثا مليئة بالآلام والحرمان، والدم والظلم من قبل المستعمر الفرنسي، فمن واجب الأجيال المتعاقبة الآن – على الخصوص ممن لم يكتووا بنار الاستعمار – أن يتفحصوا صور الماضي الأليم ليقفوا على الحقد الدفين الذي كانت فرنسا الاستعمارية تمارسه ضد شعب أعزل لم يجد ما يسد به رمقه، ومن واجب الشباب الآن استحضار كل المشاهد الأليمة وإمعان النظر، ليعرف كرم الله عز جل وفضله وإنعامه علينا بنعمة الحرية والاستقلال، يقول الحق تبارك وتعالى : ” وأما بنعمة ربك فحدث ” الضحى 11. هذا يجعلنا نقف وقفة إجلال واحترام واعتراف، لمن فجروا ثورة نوفمبر رجالا ونساء، فجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل إعلاء كلمة الله، ورفع راية الوطن فنالوا الصفقة الرابحة التي جاء فيها قوله تعالى : ” إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون ف سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا ” التوبة 111.

إننا حينما نتحدث عن إنجازات الثورة المباركة، فلا يمكن بحال أن نغفل عن تعيين الأشخاص والأبطال الذين كان لهم الفضل في تحرير الجزائر، كما لا يمكن نسيان الزمان والمكان الذي جرت فيه وقائع المعارك والبطولات، ولكن أكبر إنجاز نذكره هو : احتضان الشعب للثورة المباركة والتفافه حولها. إن المتمعن في تاريخ الجزائر ابتداء من دخول فرنسا سنة 1930، وانطلاق المقاومات الشعبية وعلى رأسها مقاومة الأمير عبد القادر سنة 1832، إلى ثورة الفاتح من نوفمبر سنة 1954 يجد أن المحرك الأساسي والروح المغذية لهذه المقاومات والثورات هو : روح الإسلام، وحب هذا الشعب لوطنه، حيث كان لنضج الوعي الوطني دور في الدفاع عنه، وكذا تجذّر الإسلام في أعماق الشعب الجزائري، وامتزاجه بدمه ولحمه، فكانت نداءات الله أكبر التي تخرج من قلوب المجاهدين وتنطلق بها ألسنتهم كالمغنطيس يجذب أفراد الشعب إلى ثوراتهم فرعى الشعب الثورة وشد إزرها، ودفع الآباء والأمهات بفلذات أكبادهم إلى معارك الوغى، فكانت البطولات والتضحيات، والكرامات التي أجزاها الله على يد المجاهدين الطاهرين.