في رحاب القرآن.. ليالي عظيمة

في رحاب القرآن.. ليالي عظيمة

في هذه الليالي العظيمة تضاء مساجد المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها بقيام الليل، ويُجهر فيها بآيات الله تعالى تتلى، وهو أعظم الكلام وأطيبه وأصدقه وأحكمه وأنفعه، والعمل الصالح يرفع طيب الكلام إلى الله تعالى ” إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ “فاطر: 10. فيا لله العظيم كم من كلم طيب سيرفع إلى الله تعالى في هذه الليالي من مساجد المسلمين، فكونوا من أهل الكلم الطيب في هذه الليالي، وارفعوه بالعمل الصالح؛ وذلك بملازمة المساجد كل الليل أو أكثره. وفي هذه الليالي العظيمة تستنير القلوب بنور القرآن؛ فإن القرآن نور أنزله الله تعالى ليضيء للناس ما أظلم من قلوبهم بسبب الجهل والهوى، ويصلح ما فسد من أحوالهم بسبب الإعراض والاستكبار. وكل وحي أوحاه الله تعالى لرسله فهو نور، وفيه نور؛ كما قال سبحانه عن كتاب موسى عليه السلام ” قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ ” الأنعام: 91. وفي آية أخرى ” إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ ” المائدة: 44. وقال سبحانه عن كتاب عيسى عليه السلام ” وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ ” المائدة: 46.

لا أظن أن أياما من السنة يقرأ فيها القرآن كهذه الأيام، ولا أظن أن المصلين يسمعون من آيات القرآن في سائر العام كما يستمعون إليه في هذه الليالي المباركة، وهو نور يلج من أبصارهم بالقراءة، ومن أذانهم بالاستماع فيستقر في قلوبهم، فتنتعش قلوبهم بنور القرآن إلى ما شاء الله تعالى. وتأملوا هذه المقارنة القرآنية العجيبة بين من استنار بالقرآن ومن تاه في ظلمات الجهل ” أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ” الأنعام: 122. والله لا يستويان أبدا، لا في ضياء القلب في الدنيا، ولا في مصير الآخرة. وهذا النور نعمة عظيمة امتن الله تعالى بها على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وهي منة من الله تعالى علينا تستحق الحمد الدائم، والشكر المتتابع، والذكر المتواصل، فمن نحن؟ وماذا سنكون لولا هذا النور المبين.

من موقع الالوكة الإسلامي