من قواعد الأخلاق في القرآن والسنة أن الأخلاق سرُّ سعادة الأمم ورقي الشعوب؛ وهذا ما قرره لنا الله تعالى، وقرره النبي صلى الله عليه وسلم؛ قال الله تعالى” ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ “الروم: 41، وعن عبد الله بن عمر قال: “أقبل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا معشر المهاجرين، خمسٌ إذا ابتليتم بهن وأعوذ بالله أن تدركوهن: لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها، إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضَوا، ولم ينقصوا المكيال والميزان، إلا أُخذوا بالسنين وشدة المؤونة وجور السلطان عليهم، ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا مُنعوا القَطرَ من السماء، ولولا البهائم لم يُمطروا، ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط الله عليهم عدوًّا من غيرهم، فأخذوا بعض ما في أيديهم، وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله ويتخيروا مما أنزل الله، إلا جعل الله بأسهم بينهم” رواه مسلم.
فالأمم تضمحل وتندثر ويذهب ريحها إذا افتقدت أخلاقها، وهل سادت الأمة الإسلامية في عصور السلف إلا بأخلاقهم وبسلوكياتهم؟ وهل ما نحن فيه إلا بسبب البعد عن المنهج النبوي الرشيد للأخلاق؟ قال ابن القيم: “اقشعرَّتِ الأرض، وأظلمت السماء، وظهر الفساد في البر والبحر من ظلم الفجرة، وذهبت البركات، وقلَّت الخيرات، وهزلت الوحوش، وتكدرت الحياة من فسق الظَّلَمَةِ، وبكى ضوء النهار وظلمة الليل من الأعمال الخبيثة والأفعال الفظيعة، وشكا الكرام الكاتبون والمعقبات إلى ربهم من كثرة الفواحش وغلبة المنكرات والقبائح، وهذا والله منذر بسَيْلِ عذابٍ قد انعقد غمامه، ومؤذِنٌ بليلِ بلاءٍ قد ادلهمَّ ظلامه، فاعدلوا عن سبيل المعاصي بتوبة نصوح، ما دامت التوبة ممكنة وبابها مفتوح، وكأنكم بالباب وقد أُغلق، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.