في رحاب القرآن.. شهر رمضان هو شهر القرآن

في رحاب القرآن.. شهر رمضان هو شهر القرآن

شهر رمضان هو شهر القرآن، فينبغي أن يكثر العبد المسلم من قراءته، وقد كان من حال السلف العناية بكتاب الله، فكان جبريل يدارس النبي صلى الله عليه وسلم القرآن في رمضان، وكان عثمان بن عفان رضي الله عنه يختم القرآن كل يوم مرة، وكان بعض السلف يختم في قيام رمضان كل ثلاث ليال، وبعضهم في كل سبع، وبعضهم في كل عشر، فكانوا يقرؤون القرآن في الصلاة وفي غيرها، فكان للشافعي في رمضان ستون ختمة، يقرؤها في غير الصلاة، وكان قتادة يختم في كل سبع دائمًا، وفي رمضان في كل ثلاث، وفي العشر الأواخر في كل ليلة، وكان الزُّهْرِيّ إذا دخل رمضان يفر من قراءة الحديث، ومجالسة أهل العلم، ويقبل على تلاوة القرآن من المصحف، وكان سفيان الثوري إذا دخل رمضان ترك جميع العبادة، وأقبل على قراءة القرآن.

وقال ابن رجب: إنما ورد النهي عن قراءة القرآن في أقل من ثلاث على المُداومة على ذلك، فأما في الأوقات المفضلة؛ كشهر رمضان والأماكن المفضلة؛ كمكة لمن دخلها من غير أهلها، فيستحب الإكثار فيها من تلاوة القرآن؛ اغتنامًا لفضيلة الزمان والمكان، وهو قول أحمد وإسحاق وغيرهما من الأئمة، وعليه يدل عمل غيرهم؛ كما سبق. و لم يكن من هدي السلف قراءة القرآن دون تدبر وفهم، وإنما كانوا يتأثرون بكلام الله عز وجل ويحركون به القلوب. ففي البخاري عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” اقْرَأْ عَلَيَّ ”  فقلت ” أقْرأ عليك وعليك أنزل؟!” فقال ” إِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِي”، قال: “فقرأت سورة النساء حتى إذا بلغت: “فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاء شَهِيدًا” النساء:41″ قال “حَسْبُكَ”، فالتفت فإذا عيناه تَذْرفان. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” لا يَلِجُ النَّارَ مَنْ بَكَى مِنْ خَشْيَةِ اللهِ”، وقد قرأ ابن عمر سورة المطففين حتى بلغ ” يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ” المطففين:6، فبكى حتى خَرَّ، وامتنع من قراءة ما بعدها.