أخرج الإمام أحمد والحاكم والبيهقي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: “الصِّيَامُ وَالْقُرْآنُ يَشْفعَانِ لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؛ يَقُولُ الصِّيَامُ: أَيْ رَبِّ، مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّهَوَاتِ بِالنَّهَارِ فشَفِّعْنِي فِيهِ. وَيَقولُ الْقرْآنُ: مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ. قَالَ: فَيُشَفَّعَانِ” فهنيئا لمن شفع له الصيام؛ فهو من أحب الأعمال إلى الله تعالى. وهنيئا لمن شفع له القرآن؛ فهو كلام الله عز وجل.
– شفاعة الصيام: الصيام يشفع لصاحبه، فيقول: “رَبّ منعته الطعام والشهوات بالنهار فشفعني فيه”. فأنت عندما تصوم تمتنع عن الطعام طاعة لله، وتمتنع عن الشراب طاعة لله، وتمتنع عن الشهوات طاعة لله.. فهاهو الصيام يأتي ليشفع لك عند الله يا من صبرتَ على ألم الجوع والعطش ومنعتَ نفسك مما تشتهيه طاعة لله. والصيام الذي يشفع لصاحبه هو الصيام الذي لم يَصْحبه صَخَبٌ ولا كذب ولا زور ولا رفث ولا ظلم ولا عدوان، وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من لم يدَعْ قولَ الزور والعملَ به، فليسَ لله حاجة في أن يدعَ طعامه وشرابه”. فمن أراد شفاعة الصيام، فليحافظ على صيامه، ولا يُفسِدْه بالمنكرات، ولا يُضيّع أجرَه بالسيئات. من أراد شفاعة الصيام، فليَحْفظ لسانه، وليغضّ بصره، وليكفّ يديه ورجليه عن كل سوء ومكروه.
– شفاعة القرأن: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: “إِنَّ سُورَةً مِنَ القُرْآنِ، ثَلَاثُونَ آيَةً، شَفَعَتْ لِرَجُلٍ حَتَّى غُفِرَ لَهُ، وَهِيَ سُورَةُ: تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ المُلْكُ”. أخرجه الإمام أحمد، وفي صحيح مسلم ومسند أحمد عَن النَّوَّاس بْن سَمْعَانَ رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: “يُؤْتَى بِالْقُرْآنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَهْلِهِ الَّذِينَ كَانُوا يَعْمَلُونَ بِهِ، تَقْدُمُهُ سُورَةُ الْبَقَرَةِ وَآلُ عِمْرَانَ”. وَضَرَبَ لَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثَلاَثَةَ أَمْثَالٍ مَا نَسِيتُهُنَّ بَعْدُ، قَالَ: “كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ، أَوْ ظُلَّتَانِ سَوْدَاوَانِ بَيْنَهُمَا شَرْقٌ، أَوْ كَأَنَّهُمَا حِزْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ، تُحَاجَّانِ عَنْ صَاحِبِهِمَا”.