كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ذا اهتمام كبير بأولاده، يعتني بهم ويحسن تربيتهم، وكان له من الأبناء ثلاثة: القاسم، وإبراهيم، وعبد الله الذي كان يلقب بالطيب الطاهر، ومن البنات أربع: رقية وأم كلثوم وزينب وفاطمة، وماتوا كلهم جميعًا في حياته، ما عدا فاطمة رضي الله عنها، فقد تأخرت وفاتها إلى ستة أشهر بعد وفاته عليه الصلاة والسلام.
ومما يدل على عنايته بأولاده، وحسن تعامله معهم: ما جاء في حديث عائشة رضي الله عنها قالت: كن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عنده لم يغادر منهن واحدة، فأقبلت فاطمة تمشي ما تخطئ مشيتها من مشية رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئًا، فلما رآها رحب بها فقال: “مرحباً بابنتي، ثم أجلسها عن يمينه أو عن شماله، ثم سارّها فبكت بكاء شديداً، فلما رأى جزعها سارها الثانية فضحكت، فقلت: لها خصك رسول الله صلى الله عليه وسلم من بين نسائه بِالسِّرَارِ ثم أنت تبكين؟! فلما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم سألتها: ما قال لك رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: ما كنت أفشي على رسول الله صلى الله عليه وسلم سرَّه، قالت: فلما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت: عزمت عليك بما لي عليك من الحق لَمَا حدثتِنِي ما قال لك رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالت: أما الآن فنعم، أما حين سارّني في المرة الأولى فأخبرني أن جبريل كان يعارضه القرآن في كل سنة مرة وإنه عارضه الآن مرتين، وإني لا أرى الأجل إلا قد اقترب، فاتقي الله واصبري؛ فإنه نِعمَ السلف أنا لكِ، قالت: فبكيت بكائي الذي رأيت، فلما رأى جزعي سارني الثانية فقال: يا فاطمة، أما ترضين أن تكوني سيدة نساء المؤمنين، أو سيدة نساء هذه الأمة؟ قالت: فضحكت ضحكي الذي رأيت” متفق عليه.