في رحاب السيرة النبوية.. وفاء سيد الأصفياء صلى الله عليه وسلم

في رحاب السيرة النبوية.. وفاء سيد الأصفياء صلى الله عليه وسلم

 

لقد جاء القرآن الكريم وسنة النبي الأمين صلى الله عليه وسلم؛ لترسيخ خلق الوفاء؛ لأن الوفاء بالعهود هو شرع الله الذي ارتضاه جل في علاه؛ فقال ربنا تبارك وتعالى في سورة المعارج في صفات أهل الجنة المكرمون: ” وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ” المعارج: 32، وقال في سورة المؤمنون في صفات المؤمنين الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون: ” وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ” المؤمنون: 8، وقال في علامات الصادقين المتقين في سورة البقرة: ” وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ” البقرة: 177. ومن نبع وفائه صلى الله عليه وسلم أنه لم ينسَ ما قدمه أبو بكر الصديق رضي الله عنه لنصرته ولنصرة الإسلام؛ فعن عليٍّ رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “ما نفعني مال أحد قط ما نفعني مال أبي بكر”، وعن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الناس فقال: “إن أمنَّ الناس عليَّ في صحبته وماله أبو بكر، ولو كنت متخذًا من الناس خليلًا لاتخذت أبا بكر خليلًا، ولكن أخوة الإسلام ومودته، لا يبقين في المسجد باب إلا سُدَّ إلا باب أبي بكر”. ومن أهم المواقف الدالة على التزام المسلمين بخلق الوفاء وتعظيمهم له في السلم والحرب: قال حذيفة بن اليمان: “ما منعني أن أشهد بدرًا إلا أني خرجت أنا وأبي حسيل، قال: فأخذنا كفار قريش قالوا: إنكم تريدون محمدًا، فقلنا: ما نريده، ما نريد إلا المدينة، فأخذوا منا عهد الله وميثاقه لننصرفن إلى المدينة، ولا نقاتل معه، فأتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرناه الخبر، فقال: انصرفا، نفي لهم بعهدهم، ونستعين الله عليهم”.