كان الصحابة رضي الله عنهم يتسابقون فيما بينهم لخدمة النبي صلى الله عليه وسلم، ومع ذلك لم يكن الرسول صلى الله عليه وسلم يحب أن يمتاز عليهم؛ تواضعًا منه صلى الله عليه وسلم، ففي قصة بناء المسجد بعد الاستقرار في المدينة، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يشارك في عملية البناء، فكان الصحابة رضي الله عنهم يتبادرون ويسبق بعضهم بعضًا ليحملوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لَبِنات البناء، فعن أم سلمة قالت: لما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه يبنون المسجد، جعل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يحمل كل واحد لبنة لبنة، وعمار يحمل لبنتين؛ لبنة عنه ولبنة عن النبي صلى الله عليه وسلم، فمسح ظهره وقال: “ابن سمية، للناس أجر ولك أجران، وآخر زادك شربة من لبن، وتقتلك الفئة الباغية”. المستدرك على الصحيحين. وهذا إسناد على شرط الصحيحين.
ولقد كان للنبي صلى الله عليه وسلم من الصحابة خدَّام كثيرون، يقول النووي معددًا إياهم: منهم أنس بن مالك، وهند وأسماء ابنا حارثة الأسلميان، وربيعة بن كعب الأسلمي، وكان عبد الله بن مسعود صاحب نعله، إذا قام ألبسه إياهما، وإذا جلس جعلهما في ذراعيه حتى يقوم، وعقبة بن عامر الجهني، صاحب بغلته يقود به في الأسفار، وبلال المؤذِّن، وسعد مولى أبي بكر الصديق، وذو مخمر. ويقول ابن القيم: فمنهم أنس بن مالك وكان على حوائجه، وعبد الله بن مسعود صاحب نعله وسواكه، وعقبة بن عامر الجهني صاحب بغلته يقود به في الأسفار، وأسلع بن شريك وكان صاحب راحلته، وبلال بن رباح المؤذن وسعد موليا أبي بكر الصديق، وأبو ذر الغفاري، وأيمن بن عبيد وأمه أم أيمن موليا النبي صلى الله عليه وسلم، وكان أيمن على مطهرته وحاجته. ابن القيم، زاد المعاد 1/ 110.