في رحاب السيرة النبوية.. مزاح النبي صلى الله عليه وسلم

في رحاب السيرة النبوية.. مزاح النبي صلى الله عليه وسلم

لا شك أن من مكارم الأخلاق إدخال السرور على المسلم ، ومن ثم فقد كان مزاحه صلى الله عليه وسلم تأليفا ومداعبة ، وتفاعلا مع أهله وأصحابه ، وإدخالا للسرور عليهم ، وكان مشتملاً على كل المعاني الجميلة ، والمقاصد النبيلة ، فصار من شمائله الحسنة ، وصفاته الطيبة صلى الله عليه وسلم ، قال عبيد الله بن المغيرة : سمعت عبد الله بن الحارث قال ” ما رأيت أحدا أكثر تبسما من رسول الله صلى الله عليه وسلم” رواه الترمذي. والضحك والمزاح أمر مشروع كما دلت علي ذلك النصوص القولية ، والمواقف الفعلية للرسول صلي الله عليه وسلم، وما ذلك إلا لحاجة الفطرة الإنسانية إلي شيء من الترويح ، يخفف عنها أعباء الحياة وقسوتها ، وهمومها وأعبائها ، ولا حرج فيه ما دام منضبطا بهدي النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يترتب عليه ضرر، بل هو مطلوب ومرغوب ، لأن النفس بطبعها يعتريها السآمة والملل ، فلا بد من فترات راحة ، وليس أدل على مشروعية الضحك والمزاح والحاجة إليه ، مما كان عليه سيد الخلق وخاتم الرسل صلى الله عليه وسلم، فقد كان يداعب أهله ، ويمازح أصحابه ، ويضحك لضحكهم . وقد سئل ابن عمر رضي الله عنهما هل كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يضحكون ؟ ، قال : نعم ، والإيمان في قلوبهم أعظم من الجبل . وقال بلال بن سعد “أدركتهم يضحك بعضهم إلى بعض ، فإذا كان الليل لا، كانوا رهبانا”. لكن المزاح والضحك في هدي وحياة النبي صلى الله عليه وسلم مقيد بضوابط لابد وأن تُراعى ، منها  ألا يقع في الكذب ليضحك الناس ، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم ” ويل للذي يحدث فيكذب ، ليضحك القوم ، ويل له ، ويل له، ويل له ” رواه الترمذي . وقد كان صلى الله عليه وسلم يمزح ويضحك ولا يقول إلا حقا وصدقا ، ومن ثم فينبغي ألا يشتمل المزاح والضحك علي تحقير لإنسان آخر ، أو استهزاء به وسخرية منه ، قال الله تعالي ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْأِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ” الحجرات:11.