في رحاب السيرة النبوية… ما هي مميزات المنهج النبوي ؟

في رحاب السيرة النبوية… ما هي مميزات المنهج النبوي ؟

حينما نتكلم عن المنهاج النبوي فإننا نتكلم عن مصطلح قرآني بامتياز ” لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا ” المائدة: 48 أي: طريقاً واضحاً في الدين، تجرون عليه، ولو أنه اقتحم بقوة مجال التداول في العصر الحاضر باعتباره الناظم والمحدد لمجالات وطرق التفكير العقلاني، والمنهاج النبوي الذي رسم معالمه الوحي الرباني، وحدد وظائفه ومقاصده محمد صلى الله عليه وسلم باعتباره المبلِّغ عن الله ” إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ” النجم: 4. ويتميز عن غيره من المناهج بسمات ثلاث هي:

أولاً: مرجعيته الربانية التي هي سر شموليته وتكامله وانسجامه ” وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ” النساء: 82، يقول تعالى آمراً عباده بتدبر القرآن، وناهيا لهم عن الإعراض عنه، وعن تفهم معانيه المحكمة وألفاظه البليغة، ومخبرا لهم أنه لا اختلاف فيه ولا اضطراب، ولا تضاد ولا تعارض؛ لأنه تنزيل من حكيم حميد، فهو حق من حق؛ لو كان مفتعلاً مختلقاً، كما يقوله من يقوله من جهلة المشركين والمنافقين في بواطنهم ” لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ” أي: اضطراباً وتضاداً كثيراً. أي: وهذا سالم من الاختلاف، فهو من عند الله.

ثانياً: تحقيقه لمصالح العباد الآجلة والعاجلة فالله هو ولي المؤمنين ” نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ” فصلت: 31، أي تقول لهم الملائكة الذين تتنزل عليهم بالبشارة “نحن أولياؤكم” قال مجاهد: أي نحن قرناؤكم الذين كنا معكم في الدنيا، فإذا كان يوم القيامة قالوا لا نفارقكم حتى ندخلكم الجنة. وقال السدي: أي نحن الحفظة لأعمالكم في الدنيا وأولياؤكم في الآخرة. ويجوز أن يكون هذا من قول الله تعالى، والله ولي المؤمنين ومولاهم.

ثالثاً: صلاحيته لكل زمان ومكان لمرونة قواعده، وشمولية مقاصده، وشرف ونبل وسائله، ويعني المنهاج النبوي ما يطلق عليه في المصطلح القرآني “الصراط المستقيم” وفي المصطلح النبوي “المحجة البيضاء”، ونظرا لما تتميز به ملامح العبقرية في هذا المنهاج، وصلاحيته لتنقية السلوك الإنساني من شوائب التعصب والتحجر، وغوائل الانفلات والتحلل، ولما تتميز به من طرافة وجدة ورصانة وتأصيل.