في رحاب السيرة النبوية.. لقاء النبي صلى الله عليه وسلم بجبريل

في رحاب السيرة النبوية.. لقاء النبي صلى الله عليه وسلم بجبريل

 

أول لقاء بين النبي صلى الله عليه وسلم و جبريل عليه السلام كان في غار حِراء عند بداية نزول الوحي، فعن عائشة أم المؤمنين أنها قالت: كَانَ أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْوَحْيِ الرُّؤْيَا الصَّادِقَةَ فِي النَّوْمِ. فَكَانَ لاَ يَرَى رُؤْيَا إِلاَّ جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ. ثُمَّ حُبِّبَ إِلَيْهِ الْخَلاَءُ، فَكَانَ يَخْلُو بِغَارِ حِرَاءٍ يَتَحَنَّثُ فِيهِ، “وَهُوَ التَّعَبُّدُ” اللَّيَالِيَ أُولاَتِ الْعَدَدِ قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى أَهْلِهِ، وَيَتَزَوَّدُ لِذلِكَ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى خَدِيجَةَ فَيَتَزَوَّدُ لِمِثْلِهَا حَتَّى فَجِئَهُ الْحَقُّ وَهُوَ فِي غَارِ حِرَاءٍ، فَجَاءَهُ الْمَلَكُ فَقَالَ: اقْرَأْ. قَالَ: “مَا أَنَا بِقَارِئٍ” قَالَ، فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ: اقْرَأْ. قَالَ قُلْتُ: مَا أَنَا بِقَارِئٍ، قَالَ فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّانِيَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ: اقْرَأْ. فَقُلْتُ: مَا أَنَا بِقَارِئٍ، فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّالِثَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ. ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ: ” اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ” العلق: 1 – 5. فَرَجَعَ بِهَا رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم تَرْجُفُ بَوَادِرُهُ حَتَّى دَخَلَ عَلَى خَدِيجَةَ فَقَالَ: “زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي” فَزَمَّلُوهُ حَتَّى ذَهَبَ عَنْهُ الرَّوْعُ. ثُمَّ قَالَ لِخَدِيجَةَ: “أَيْ خَدِيجَةُ! مَا لِي” وَأَخْبَرَهَا الْخَبَرَ. قَالَ: “لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي” رواه البخاري. فهذا اللقاء المباغت والقوي بجبريل عليه السلام جعل النبي صلى الله عليه وسلم يرجف فَرقا وخوفا، لأن جبريل عليه السلام غطَّه أي عصره وضمّه حتى بلغ الجهد من النبي صلى الله عليه وسلم غايته ومبلغه، فخاف النبي صلى الله عليه وسلم، ولهذا قال: ” لقد خشيت على نفسي”، وذهب إلى خديجة رضي الله عنها يقول: ” زملوني زمِّلوني فزمَّلوه حتى ذهب عنه الروع”، فكان موقف خديجة رضي الله عنها موقف الزوجة المساندة لزوجها، حيث ثبتته وطمْأنته بقولها: “كلَّا! والله ما يخزيك الله أبدًا؛ إنك لتصل الرحم، وتصدُقُ الحديثَ، وتَحمِل الكَلَّ، وتَكسِبُ المعدومَ، وتَقري الضيف، وتعين على نوائب الحق” ثم ذهبت به إلى ورقة بن نوفل، وكان امرأ تنصر في الجاهلية، فلما أخبره بالخبر، قال: ” هذا الناموس الذي نزل الله على موسى”، وإنما أدرك ورقة كون جبريل عليه السلام هو من نزل على النبي صلى الله عليه وسلم لأنه متمكن من معرفة دين النصارى.