في رحاب السيرة النبوية.. فرح أهل المدينة بالنبي صلى الله عليه وسلم

في رحاب السيرة النبوية.. فرح أهل المدينة بالنبي صلى الله عليه وسلم

كانت تسمى بيثرب قبل أن تشرف بقدوم النبي صلى الله عليه وسلم، وكان يُكدر حالها الفُرْقة والعصبية، وينغص عيش أهلها الفقر والأسقام، ولكن هذا الحال سرعان ما تغير وتبدّل بهجرة النبي صلى الله عليه وسلم إليها، ذلكم الحدث الذي غير مجرى تاريخ مدينة يثرب من حال إلى حال، فصارت المدينة المنورة، لاستنارتها بالنبي صلى الله عليه وسلم وطَيْبةَ الطيِّبةَ، ملتقى المهاجرين والأنصار، وموطن الذين تبوؤوا الدار والإيمان، والعاصمة الأولى للمسلمين، ومن ثم كان يوم الاثنين الثامن من ربيع الأول من السنة الرابعة عشرة من النبوة – السنة الأولى من الهجرة ـ يوما مشهودا لم تشهده المدينة من قبل، يصفه البراء بن عازب رضي الله عنه فيقول: ” ما رأيت أهل المدينة فرحوا بشيء فرحهم برسول الله صلى الله عليه وسلم”. لقد استشعر أهل المدينة الفضل الذي أعطاهم الله إياه، والشرف الذي اختصهم به، إذ ستصبح بلدتهم موطنا لإقامة رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته المهاجرين، ثم لنصرة الإسلام، ولذلك خرج أهل المدينة يهللون في فرح وابتهاج، حتى صعد الرجال والنساء فوق البيوت، وتفرق الغلمان في الطرق ينادون : يا محمد يا رسول الله, يا رسول الله. قال أنس بن مالك رضي الله عنه ” ما رأيت يوماً قط كان أحسن ولا أضوأ من يوم دخل علينا فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم”.
وقال ابن القيم في كتابه زاد المعاد: ” وسُمِعَتِ الرَّجَّةُ والتَّكْبِيرُ في بني عمرو بن عوف، وكبَّر المسلمون فرحاً بقدومه، وخرجوا للقائه، فتلقوْه وحيَّوْه بتحية النبوة، فأحدقوا به مطيفين حوله، والسَّكينة تغشاه، والوحي ينزِل عليه: ” فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ ” التحريم: من الآية 4. وبدخول النبي صلى الله عليه وسلم المدينة استنارت وشرفت، وتحولت من يثرب إلى المدينة المنورة، وتمت مرحلة من مراحل السيرة النبوية وهي المرحلة المكية.