لقد تعددت المواجهات والغزوات بين النبي صلى الله عليه وسلم والمشركين بعد معركة بدر وقبل أحد، ومن ذلك غزوة السويق التي وقعت أحداثها في ذي الحجة من السنة الثانية للهجرة النبوية، وهذه الغزوة وما شابهها ـ على صغرها وعدم حدوث قتال فيها ـ أشعرت المشركين في مكة، واليهود والمنافقين في المدينة المنورة، والأعراب خارج مكة والمدينة، أن دولة المسلمين الجديدة دولة قوية، وأن المسلمين أشداء أقوياء، ولن يصدهم عن دينهم ودعوتهم إليه شيء، وهذا من باب إعداد وإظهار القوة للذين يكيدون للإسلام ويتآمرون عليه، كما قال تعالى: “وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ” الأنفال:60.. ثم إن غزوة السويق وغيرها من غزوات وسرايا صغيرة، كانت دورات تربوية وعسكرية للصحابة رضوان الله عليهم، فقد كان المنهج النبوي يهتم بتربية الصحابة في المسجد، بتهذيب الأخلاق، وتزكية النفوس، وتنوير العقول، ولا يغفل عن تربيتهم وإعدادهم كذلك في ميادين القتال والجهاد من خلال السرايا والغزوات وإن صغرت، ومن ثم جمع المنهج النبوي الكريم بين التربية الأخلاقية والتربية العسكرية، حتى يثبت ويقوى المجتمع المسلم الجديد، ويقوم بدوره بنشر الإسلام في آفاق الدنيا كلها.