في رحاب السيرة النبوية.. عبر من غزوة الأحزاب

في رحاب السيرة النبوية.. عبر من غزوة الأحزاب

لو نظرنا في حال المسلمين في غزوة الأحزاب لوجدنا أنه حال يرثى له فالجوع يكاد يقتلهم حتى شكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم شدة الجوع ولا يوجد عندهم ما يسد رمقهم والحصار قد اشتد عليهم والبرد قد أصابهم ولا يوجد لديهم ما يواجهون به البرد والفتنة والانقسام وقعت في صف الجيش الإسلامي نفسه بسبب المنافقين الموجودين في أوساط الجيش. تخيلوا لو خرج اليوم جيش من المسلمين بهذه الصورة جيش لا يوجد لديه حتى قوت جنوده ولا ملابسهم الحربية وما يقيهم من البرد وعدد جيش العدو أكثر من عدد جيش المسلمين بأكثر من ثلاثة أضعاف ماذا سيقول عنه المنافقون؟ وماذا سيوجهون له من النقد والسخرية؟ سيرمونه بالتهور والتسرع والطيش والتعجل في المواجهة بل سيستهزئون به ويعتبرونه جيش مغامر وساذج ومخترق وفي النهاية لن يفعلوا شيئاً ولن يحسنوا غير النقد واللوم والهدم وصدق الله سبحانه وتعالى إذ يقول عنهم ” أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُولَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا “. لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبشر أصحابه في تلك الساعات الحرجة باقتراب النصر وموعد الفتح فيبشرهم بأنهم سيملكون كنوز كسرى وقيصر. ولما زادت الشدة وعظمت الكربة بعد نقض اليهود للعهد والاتفاق الذي بينهم وبين المسلمين ومشاركتهم للأحزاب في الحرب وقيام المنافقين بالتمرد والتهرب من ساحة المعركة وقالوا ” يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا ” الأحزاب: 13. هنا تلثم النبي صلى الله عليه وسلم وتقنع واضطجع من شدة الحرج ولكنه عليه الصلاة والسلام قام مكبراً ومبشراً يقول ” الله أكبر أبشروا يا معشر المسلمين بفتح الله ونصره. كما أن الغزوة تعطينا درساً عظيماً في قطع العلاقات وتجنب توقيع المعاهدات مع اليهود أو إبرام الاتفاقيات معهم فإنهم قوم غدر لا عهد لهم ولا ميثاق ولا يقدّرون صلحاً ولا يحفظون حقاً.