في رحاب السيرة النبوية.. صلاة النبي صلى الله عليه وسلم

في رحاب السيرة النبوية.. صلاة النبي صلى الله عليه وسلم

يقول صلى الله عليه وسلم: “وجعلت قرة عيني في الصلاة” رواه النسائي. ما كان يرتاح إلاَّ إذا قام يصلي، إذا قال الله أكبر، كبر بصوت تكاد تنخلع لصوته القلوب، فيضع يده على صدره فيكون الله أعظم من كل شيء؛ لأنه الكبير – سبحانه وتعالى – فيقف متواضعاً متبتلاً متخشعاً متذللاً أمام الواحد الأحد. يقول عبد الله بن الشخير: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدته يصلي ولصدره أزيز كأزيز المرجل من البكاء رواه النسائي. والمرجل: القِدْرُ إذا استجمع غلياناً. ويقول حذيفة: قام صلى الله عليه وسلم يصلي صلاة الليل بعد العشاء، قال: فدخلت معه في الصلاة فافتتح سورة البقرة، فقلت: يسجد عند المائة فختمها، فافتتح سورة النساء فاختتمها، فافتتح سورة آل عمران ثم اختتمها، لا يمرّ بآية رحمة إلا سأل الله، ولا بآية عذاب إلا استعاذ بالله، ولا بتسبيح إلا سبح، قال: ثم ركع، فكان ركوعه قريباً من قيامه، ثم قام فكان قيامه قريباً من ركوعه، ثم سجد فكان سجوده قريباً من قيامه وركوعه، ثم صلى الركعة الثانية قريباً من الأولى رواه مسلم. ما يقارب الست ساعات أو السبع ساعات مع الفقر والجوع، ومع الجهاد في النهار، ومع الزهد، ومع الدعوة إلى الله، ومع تربية الأطفال، ومع شئون البيت، ست أو سبع ساعات وهو يتبتل إلى الله، تفطرت قدماه، وتشققت رجلاه فتقول له زوجته عائشة رضي الله عنه يا رسول الله كيف تفعل هذا بنفسك وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، قال: “أفلا أكون عبداً شكوراً” رواه مسلم. يقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأطال حتى هممت بأمر سوء. قيل: وما هممت به؟ قال: “هممت أن أجلس وأدعه” رواه مسلم. ونحن في سعد ورغد، في عيش رضيٌّ، في أمن وصحة، الموائد الشهية، المساكن البهية، المراكب الوطية، ومع ذلك نترك صلاة الجماعة إلا من رحم الله، أيُّ أمة نحن، أي كيان نحن، أي قلوب نحملها، إذا لم نقم بالصلوات الخمس كما أرادها الله – عزَّ وجلَّ؟