استخلصنا من زواج النبي صلى الله عليه وسلم بخديجة أنها قدوة لنسائنا في الطهارة والعفاف، وفي رعاية الأيتام، ولنا وقفتان مع هذا الزواج المبارك الميمون اللتان نستخلصهما من سيرة هذه المرأة العظيمة:
الوقفة الأولى: أنها أحسنت اختيار الزوج: خديجة اختارت المقياس الأول للكفاءة في الزواج وهو الدين والأخلاق، ومما قالته فيما سبق معنا: يا ابن عم، إني قد رغبت فيك لقرابتك، وسِطَتِكَ أي: شرفك في قومك، وأمانتك وحسن خلقك، وصدق حديثك. وكذلك شهد أبو طالب بنبل أخلاقه صلى الله عليه وسلم. وهكذا على الزوج حسن اختيار الزوجة اختيارًا مبنيًّا على أساس الدين والخُلُق، ولا يضر غيرها من الأوصاف إن وجدت قال صلى الله عليه وسلم: “تُنكَح المرأةُ لأربع: لمالها، ولحَسَبها، وجمالها، ولدينها، فاظْفَر بذاتِ الدِّين، ترِبَتْ يداك”.
الوقفة الثانية: أنها تزوجت بوليٍّ؛ اختيار خديجة للنبي صلى الله عليه وسلم استثناء؛ لأن خديجة من النساء الكُمَّل، التي لا تلعب بها العواطف، وغالبية النساء تتحكم فيها العاطفة، وقد تسيء الاختيار لنفسها؛ ولذلك لما جاء الإسلام اشترط الولي، ولم يوكل للمرأة أمرَ نفسها في إبرام العقد، فقال صلى الله عليه وسلم: “لا نِكاحَ إلا بِوَليٍّ” صححه الألباني، وقال صلى الله عليه وسلم: “أيما امرأةٌ نكحَتْ نفسَها بغيرِ إذنِ وليِّها فنِكاحُها باطلٌ، فنِكاحُها باطلٌ، فنِكاحُها باطلٌ” صحيح ابن ماجه، ودعاة وداعيات التحرر اليوم- زعموا- من مطالبهم إلغاء سلطة الولي، ناقلين لنا ما ليس من ديننا، ولا من ثقافتنا إلينا، فالخلاصة لا بد من رجوع المرأة إلى سلطة الولي؛ لحفظ حقوقها وحمايتها، وعلى الأولياء عدم الجور في هذه الولاية بمنع المرأة من الزواج، أو فرض الزواج عليها دون أخذ رأيها؛ كقصة الفتاة التي عضلها أبوها، فلما حضرتها الوفاة قالت: يا أبي، ادْنُ مني، فقالت: قل: آمين ثلاثًا، فقال: آمين، وقالت: يا أبي، حرمَكَ اللهُ من الجنة كما حرمتني من الزواج!.