في رحاب السيرة النبوية.. خروجه صلى الله عليه وسلم إلى الشام للتجارة

في رحاب السيرة النبوية.. خروجه صلى الله عليه وسلم إلى الشام للتجارة

 

قال ابن إسحاق: وكانت خديجة بنت خويلد امرأة تاجرة ذات شرفٍ ومال، تستأجر الرجال في مالها وتضاربهم إياه، بشيء تجعله لهم، وكانت قريش قومًا تجَّارًا، فلما بلغها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بلغها، من صدق حديثه، وعظم أمانته، وكرم أخلاقه، بعثت إليه، فعرضت عليه أن يخرج في مالٍ لها إلى الشام تاجرًا، وتعطيه أفضل ما كانت تعطي غيره من التجار، مع غلام لها يقال له: ميسرة، فقبله رسول الله صلى الله عليه وسلم منها، وخرج في مالها ذلك، وخرج معه غلامها ميسرة حتى قدم الشام، لأن خديجة رضي الله عنها تضارب الرجال في مالها، فهي امرأة لا تقوى على الخروج، وتحمل مشاقِّ السفر، ومجادلة الرجال، يوم كانت العفة والطهارة، وبما أن لها مالًا، فتحتاج إلى من يُحرِّك هذا المال، بشرط أن يكون هذا المحرك للمال أمينًا، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتعطي هي رأس المال، والنبي صلى الله عليه وسلم يقدم الجهد والعمل مقابل جزء من الأرباح يتفق عليه مسبقًا، وهذا ما يُسمَّى بالمضاربة. وهذا ما نقله إليها غلامها ميسرة، فكان كالشاهد على أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم، فنقل إليها سماحة النبي صلى الله عليه وسلم في البيع والشراء، وصدقه وأمانته، وهكذا كان هديه صلى الله عليه وسلم بعد البعثة، ومن ذلك قوله: “رحِمَ اللهُ عبدًا سمحًا إذا باعَ، سمحًا إذا اشتَرى، سمحًا إذا قَضى”، ونهى عن كثرة الحلف في البيع ولو كان الحالف صادقًا فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “الحلفُ منفقةٌ للسلعةِ، ممحقةٌ للبركةِ” رواه البخاري.