مرحلة الطفولة هي أهم مرحلة في حياة الإنسان، فهي الأساس الذي يُبنى عليه بقية حياته، وتتكوَّن فيها شخصيته وهويته، فالتربية في هذه المرحلة مهمة جدًّا؛ فهي أخصب مرحلة للآباء والمُربِّين في غرس القيم الفاضلة والأخلاق النبيلة والمبادئ العظيمة التي ينبغي أن ينشأ عليها الطفل ويتعلَّمها، فإذا رُبِّي على الخير وغُرِست فيه الأخلاق الفاضلة والقيم السامية نشأ وهو يحملها في قلبه، وتتطلع نفسُه لتمثُّلها والعمل بها، والعكس يُقال في ذلك. وقد اهتمَّ النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الفئة غاية الاهتمام، وحرص على تربيتهم وتوجيههم في مواقف كثيرة من حياته تعليمية وتربوية. وهذه المواقف التي نُقلت إلينا في تعامله مع الصغار تحتاج إلى دراسة متعمِّقة من المعنيين بشأن التربية والإصلاح؛ لاستخراج الفؤائد منها، والاقتداء به صلى الله عليه وسلم في كيفية تعامله مع الأطفال؛ لنُربي عليها أطفالنا اليوم الذين سيُصبِحون رجالَ المستقبل في الغد، والمواقفُ التي حدثت للنبي عليه الصلاة والسلام مع الصغار كثيرةٌ متعددة لا يمكن أن نذكرها كلها في هذه الكلمات البسيطة والعبارات الموجزة. ولكن هذه المواقف تُبيِّن لنا جانبًا مهمًّا في حياة النبي عليه الصلاة والسلام في كيفية تعامُله مع الأطفال، وتوضِّح لنا الطريقة المُثْلى في تعليمهم وتربيتهم. فالصغار في هذه السِّنِّ يحتاجون إلى التلطُّف معهم، والضحك في وجوههم؛ حتى يشعروا بقُرْب الآباء منهم واهتمامهم بهم، وقد نُقِل إلينا كثيرٌ من القصص عن مزحه صلى الله مع الصغار ولعبه معهم، وملاطفتهم والبشاشة في وجوههم، ويفعل ذلك أمام الناس؛ ليُعلِّمهم أن اللعب مع الصغار وممازحتهم لا ينقص من هيبة الرجل أو ينزل من مكانته كما كان يظنُّ كثيرٌ من الناس في ذلك الزمان.