في رحاب السيرة النبوية.. تعامل النبي عليه الصلاة والسلام مع المذنبين

في رحاب السيرة النبوية.. تعامل النبي عليه الصلاة والسلام مع المذنبين

لقد كان عليه الصلاة والسلام رفيقًا لينًا عطوفًا رحيمًا مع المذنبين والمخطئين؛ لأنه يعلم بأن الشيطان قد استزلهم، فضعُفت نفوسهم، فوقعوا في الذنب، وأنهم يحتاجون إلى مَن يأخذ بأيديهم؛ ولقد وقعت عدة مواقف تبين لنا ذلك فمنها: عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: “إن فتًى شابًّا أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، ائذن لي بالزنا – طلب جريء من هذا الشاب – فأقبل القوم عليه – أقبل الصحابة – فزجروه، وقالوا: مَهْ مَهْ، فقال له عليه الصلاة والسلام: ادنُهْ، فدنا منه قريبًا – فماذا فعل الحبيب صلى الله عليه وسلم معه، هل نصحه ووعظه وعنَّفه؟ لا بل انتقل إلى أسلوب آخر يقنعه به – قال: فجلس، فقال له: أتحبه لأمك؟ قال: لا والله، جعلني الله فداءك، قال: ولا الناس يحبونه لأمهاتهم، قال: أفتحبه لابنتك؟ قال: لا والله يا رسول الله، جعلني الله فداءك، قال: ولا الناس يحبونه لبناتهم، ثم قال له: لعمتك… لخالتك… وفي كل مرة يقول الشاب: لا يا رسول الله… ثم قال: فوضع يده عليه الصلاة والسلام على الشاب وقال: اللهم اغفر ذنبه وطهِّر قلبه وحصِّن فرجه، فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء”، الله أكبر… عامله الحبيب الرحيم عليه الصلاة والسلام بكل رفق ولين مع إقناع وقرب ودنو منه ودعاء، والنتيجة كانت: “فلم يكن ذلك الفتى يلتفت إلى شيء”؛ أي: إنه كره الزنا، ولتتخيلوا معي لو أن هذا الشاب جاء لأحدنا، أو جاء الابن لأبيه يطلب منه مثل ذلك، فكيف سيكون الرد؟ النبي الرحيم عليه الصلاة والسلام علم أن هذا الشاب يعلم بحرمة الزنا، فاتبع أسلوب الإقناع معه، فكم نحن بحاجة لمثل هذا الأسلوب في زمن الانفتاح العالمي، الذي أصبح فيه الشاب والابن لا ينفع معه مجرد الأمر والنهي، بل يحتاج لإقناع حتى ينتهيَ أو يفعل ما طُلب منه!.