في رحاب السيرة النبوية.. تأملات في خطبة الوداع

في رحاب السيرة النبوية.. تأملات في خطبة الوداع

 

لقد تضمنت خطبة الوداع مبادئ وتوصيات، نقف عند بعضٍ منها، في هذه السطور:
– المبدأ الأول حرمة سفك الدماء بغير حق، وفي هذا يقول عليه الصلاة والسلام: ” أيها الناس، إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام إلى أن تلقوا ربكم، كحرمة يومكم هذا، وحرمة شهركم هذا”. فأين أمة الإسلام اليوم من تطبيق هذا المبدأ، وقد أخذ بعضها برقاب بعض، وتسلط القوي فيها على الضعيف، وقد كرر عليه الصلاة والسلام هذه الوصية في خاتمة خطبته – كما ذكر ابن هشام في سيرته – مؤكدًا ضرورة الاهتمام بها بقوله: ” تعلَمُنَّ أن كل مسلم أخ للمسلم، وأن المسلمين أخوة، فلا يحل لامرئ من أخيه إلا ما أعطاه عن طيب منه، فلا تظلمن أنفسكم” .

– المبدأ الثاني قوله صلى الله عليه وسلم: ” ألا إن كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع، دماء الجاهلية موضوعة…وربا الجاهلية موضوع..” وهذا نص واضح، وتصريح صارخ أن كل ما كان عليه أمر الجاهلية قد بَطَل، ولم يبقَ له أي اعتبار، بل هو جيفة منتة، لا يمكن أن ينهض بأمة، بَلْهَ أن يبني حضارة تكون هدى للبشرية، بل هو إلى الهدم والخراب أقرب.

وثالث المبادئ في خطبته صلى الله عليه وسلم وصيته بالنساء خيرًا ” واستوصوا بالنساء خيرًا “. ما أروعها من وصية، وما أحرى بالإنسانية اليوم أن تلتزم بها وتهتدي بهديها، بعد أن أذاقت المرأة أشد العذاب – تحت مسمى حرية المرأة – ودفعت بها إلى مهاوي الذل والرذيلة، وجردتها من كل معاني الكرامة والشرف، تحت شعارات مزيفة، لا تمت إلى الحقيقة في شيء.

– أما المبدأ الرابع فكان وصيته عليه الصلاة والسلام لأمته التمسك بكتاب ربها والاعتصام به، مبينًا أنه سبيل العزة والنجاح ” وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به: كتاب الله “. صدقت يا رسول لقد ضمنتَ لأمتك الأمان من كل شقاء وضلال إذا هي تمسكت بهدي هذا الكتاب. وهل وصلت أمة الإسلام إلى ما وصلت إليه إلا بهجر كتاب ربها وترك منهج نبيها، ولا يصلح أمر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها.