بدايةُ نزول الوحي الكريم على رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم في غار حراء، وقد جلس في خلوته يتعبَّد، فنزل عليه جبريل عليه السلام بأوَّل كلمة قرآنية، فكانت: “اقْرَأْ”، وهي دعوة إلى العِلم الذي يصل العبدَ بربه وخالقِه، ويدرك به الخشية: “إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ” فاطر: 28، ويرفع منزلةَ صاحبه ودرجته: “هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ” الزمر: 9. والجواب قطعًا لا يستوون، وفي بدءِ نزول القرآن في رمضان على رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وهو في الغار يتعبَّد تنبيهٌ لطيف على أنَّ رمضان هو شهر القرآن، وأنَّه شهر العبادة الخاصَّة، وأنَّه شهر الانقطاع إلى الله، متمثِّلاً في الاعتكاف، وقد اختاره الله لذلك من بين سائر الشُّهور، مع أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم كان ينقطع إلى العبادة في غار حِراء في غيره من الشهور، فاختيار هذا الشهر علامةٌ على فضله وارتفاعِ درجته دونَ غيره.