في رحاب السيرة النبوية.. النبي صلى الله عليه وسلم في الحرب

في رحاب السيرة النبوية.. النبي صلى الله عليه وسلم في الحرب

 

من الأخلاق القرآنية الشجاعة والنجدة والثبات؛ قال الله تعالى: ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ” الأنفال: 15، 16، والذي يتأمل سيرة النبي العطرة يجد أنه صلى الله عليه وسلم حاز قصب السبق في ميدان الشجاعة والنجدة والثبات أمام الأعداء، والشجاعة من أكرم الخصال التي يتصف بها الرجال؛ فهي عنوان القوة، وعليها مدار إعزاز الأمة، فالشجاعة صفة لا يتحلى بها إلا الأقوياء الذين لا يأبهون الخوف، ولا يجعلون الخور والضعف ديدنهم؛ عن أنس رضي الله عنه قال: “كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس وأشجع الناس، ولقد فزع أهل المدينة ليلةً، فخرجوا نحو الصوت، فاستقبلهم النبي صلى الله عليه وسلم وقد استبرأ الخبر وهو على فرس لأبى طلحة عُريٍ، وفي عنقه السيف، وهو يقول: لم تراعوا، لم تراعوا، ثم قال: وجدناه بحرًا، أو قال: إنه لبحر”. رواه البخاري.

ةعن البراء بن عازب قال: “أكنتم فررتم يا أبا عمارة يوم حنين؟ قال: لا والله، ما ولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكنه خرج شبان أصحابه، وأخفَّاؤهم حُسَّرًا ليس بسلاح، فأتوا قومًا رماةً – جمع هوازن وبني نصر – ما يكاد يسقط لهم سهم، فرشقوهم رشقًا ما يكادون يخطئون، فأقبلوا هنالك إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو على بغلته البيضاء، وابن عمه أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب يقود به، فنزل واستنصر، ثم قال: “أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبدالمطلب، ثم صف أصحابه”. رواه البخاري. وفي يوم أحد يوم أن خالف الرماة أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسيطر المشركون على زمام المعركة – لم يتزحزح النبي صلى الله عليه وسلم من موقفه، بل وقف موقف القائد القوي الشجاع، وحوصر صلى الله عليه وسلم من قِبل المشركين، ولم يكن حوله إلا القلة من الصحابة يدافعون عنه، وبرز منهم سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، حينما دعاه رسول الله فناوله النبال، وقال له كما في الحديث عن علي بن أبي طالب قال: “ما سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يفدي أحدًا بأبويه إلا لسعد، فإني سمعته يقول يوم أحد: ارمِ سعد، فداك أبي وأمي”. رواه البخاري.