غزوة بدر ملحمة من ملاحم التاريخ الإسلامي، ومعركة فرَّق الله بها بين الحق والباطل، وقد وقعت أحداثها في السابع عشر من رمضان في العام الثاني من الهجرة النبوية، وعُرِفت في القرآن الكريم ببدر وبيوم الفرقان، قال الله تعالى: “وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ” آل عمران:123 وفي أحداث هذه الغزوة المباركة الكثير من المشاهد والمواقف التي ينبغي الوقوف معها للاستفادة منها، ومن هذه المواقف: ما رواه أحمد وصححه الألباني عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: ” كنّا يوم بدر، كلّ ثلاثة على بعير وكان أبو لبابة وعلي بن أبي طالب زميلي رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فكانت عقبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالا له: نحن نمشي عنك ، فقال صلى الله عليه وسلم: ما أنتما بأقوى منّي على المشي، ولا أنا بأغنى عن الأجر منكما”
المسير في طريق القوافل إلى بدر ليس سفراً يسيراً أو نزهة لطيفة، فالمسافة بين المدينة المنورة وبدر تزيد على مائة وخمسين كيلو متراً، ولم يكن مع النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته غير سبعين بعيراً يعتقبونها “يتبادلون الركوب عليها” وقد حاول أبو لبابة وعليّ بن أبي طالب رضي الله عنهما إيثار النبي صلى الله عليه وسلم على نفسيهما، بأن يسيرا هما ولا يسير النبي صلى الله عليه وسلم، فأبَىَ رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال لهما: ” ما أنتما بأقوى منّي على المشي، ولا أنا بأغنى عن الأجر منكما ”
قال الطيبي: “فيه إظهار غاية التواضع منه صلوات الله وسلامه عليه، والمواساة مع الرفقاء، والافتقار إلى الله تعالى”. وإنما قال هذا لتعليم الأمة طلب الأجر، وان كان طالبُ الأجرِ عالماً أو زاهداً، فإنَّ أحداً لا يستغني عن الأجر، لأن الأجر مزيد درجات النعيم”.