في رحاب السيرة النبوية.. النبي صلى الله عليه وسلم وبناء الكعبة

في رحاب السيرة النبوية.. النبي صلى الله عليه وسلم وبناء الكعبة

لما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم خمساً وثلاثين سنة ـ قبل بعثته ونبوته بخمس سنوات ـ اجتمعت قريش لتجديد بناء الكعبة لما أصابها من تصدع جدرانها، وكانت لا تزال كما بناها إبراهيم عليه السلام “حجارة” فوق القامة، فأرادوا هدمها ليرفعوها ويسقفوها ولكنهم هابوا هدمها، فقال الوليد بن المغيرة: أنا أبدؤكم في هدمها، فأخذ المعول، ثم قام يهدمها وهو يقول : اللهم لم نزغ، ولا نريد إلا الخير.. وقد شارك النبي صلى الله عليه وسلم قومه في تجديد وبناء الكعبة، فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: “لما بُنيت الكعبة ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم والعباس ينقلان الحجارة، فقال العباس للنبي صلى الله عليه وسلم: اجعل إزَارَك على رقبَتِكَ يَقِيكَ الحجارة” رواه البخاري. ولما بلغ البنيان موضع الحجر الأسود دبَ الشقاق بين قبائل قريش، فكل منهم يريد أن ينال شرف رفع الحجر إلى موضعه، وكادوا أن يقتتلوا فيما بينهم، حتى جاء أبو أمية بن المغيرة المخزومي فاقترح عليهم أن يحكّموا فيما اختلفوا فيه أول من يدخل عليهم من باب المسجد الحرام ، فوافقوا على اقتراحه وانتظروا أول قادم، فإذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما إن رأوه حتى هتفوا: هذا الأمين، رضينا، هذا محمد، وما إن انتهى إليهم حتى أخبروه الخبر فقال: “هلمّ إليَّ ثوباً”، فأتوه به فوضع الحجر في وسطه ثم قال: “لتأخذ كل قبيلة بناحية من الثوب ثم ارفعوه جميعا” ففعلوا، فلما بلغوا به موضعه، أخذه بيده الشريفة ووضعه في مكانه.. ومن ثم فقد شارك النبي صلى الله عليه وسلم قريش في تجديد بناء الكعبة، ووضع هو الحجر الأسود مكانه بيده الشريفة، وحاز الشرف الذي كادوا يقتتلون عليه جميعاً، وهذه من أول المقدمات للتكريم، ومن اعترافات قريش له صلى الله عليه وسلم بأنه الأمين.