إن الإنسان في الحياة تعترضه الكثير من المواقف السلبية التي تختلف حدتُها من موقف لآخر، وقد تزيد أحيانًا وتخبو أحيانًا أخرى، وبعض هذه المواقف قد يحتاج إلى معالجة سريعة، والبعض الآخر لا يحتاج لذلك، وتختلف درجة التأثر والتفاعل الإيجابي مع هذه المعالجة حسب العادات والتقاليد، ودرجة الوعي العلمي والثقافي والاجتماعي، ومن الأساليب التربوية المهمة في معالجة المواقف السلبية: أسلوبَا التصريح والتلميح، واستخدام أيٍّ من الأسلوبين يعود للموقف من جهة، وللمستقبل من جهة أخرى، وربما للوقت والحال من جهة ثالثة، فهناك مواقف لا يُجدي معها إلا التصريح، ومواقف أخرى لا يتناسب معها إلا التلميح، وربما قد يحتاج إلى الأسلوبين في آن واحد.والمتأمل في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم يجد مواقفَ تعامَل معها الحبيب صلى الله عليه وسلم بالتصريح، ومواقف أخرى تعامَل معها بالتلميح، وهو الأغلب الأعم، ومن المواقف التي تعامل معها صلى الله عليه وسلم بالتلميح:
عن أنس بن مالك أن نفرًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، سألوا أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عن عمله في السر، فقال بعضهم: لا أتزوج النساء، وقال بعضهم: لا آكل اللحم، وقال بعضهم: لا أنام على فراش، فحمد الله وأثنى عليه، فقال: “ما بال أقوام قالوا كذا وكذا، لكني أُصلي وأنام، وأصوم وأفطر، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني”. رواه مسلم. ومن المواقف التي تعامل معها صلى الله عليه وسلم بالتصريح:
عن المعرور بن سويد قال: رأيت أبا ذر بالربذة وعليه حلَّة، وعلى غلامه حلة، فسألته عن ذلك، فقال: إني ساببتُ رجلًا فعيَّرته بأمه، فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم: “يا أبا ذر، عيَّرته بأمه؟ إنك امرؤ فيك جاهلية، إخوانكم خولكم جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده، فليُطعمه مما يأكل، وليلبسه مما يلبس، ولا تكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم فأعينوهم”. رواه البخاري.