في رحاب السيرة النبوية.. إحسان الرسول صلى الله عليه وسلم إلى زوجاته

في رحاب السيرة النبوية.. إحسان الرسول صلى الله عليه وسلم إلى زوجاته

إن السنة النبوية تشكل مادة ثرة وغنية بالمواقف النبوية التي توضح الجانب الإنساني في العلاقة الزوجية، فقد بعث الله رسوله صلى الله عليه وسلم بالدين الكامل الذي به تمام النعمة والسعادة للإنسان، ومن المواقف النبوية التي توضح ذلك إحسانه وبره صلى الله عليه وسلم بزوجاته: يتعجب المرء من طبيعة العلاقة الزوجية التي تنشأ بين فردين غريبين قد لا يعرف أحدهما الآخر، ثم يرتبطان بميثاق قوي غليظ، يبني بينهما علاقة قريبة جداً وشراكة في جميع الجوانب، فإذا هذان الزوجان يعيشان تحت سقف واحد تظللهما أقوى مشاعر المحبة والألفة، يقتسمان اللقمة الواحدة ويفرحان معا ويحمل أحدهما مع رفيقه همه، ولا يكاد يطرأ لأحدهما أمر سرور أو حزن إلا ورفيقه يعلم حاله ويتقاسم معه مشاعره. وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أساس هذه العلاقة بقوله: “خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي”، فهي علاقة ملاصقة واندماج وصفها الله تعالى بقوله: ” هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ… ” البقرة: 187. وعاشها المصطفى صلى الله عليه وسلم بكيانه كله، فتجده قدوة في الوفاء لشريكة دربه في الدعوة، وأم أبنائه خديجة رضي الله عنها، فيفرح لرؤية ما يذكره بها ويتواصل بإحسانه وبره لأهلها بعد وفاتها، وتحكي عائشة غيرتها الشديدة منها ووفائه لها فتقول رضي الله عنها: ” ما غرت على نساء النبي صلى الله عليه وسلم ما غرت على خديجة، وإني لم أدركها، وكان النبي إذا ذبح الشاة فيقول: أرسلوا بها إلى أصدقاء خديجة، قالت: فأغضبته يوما فقلت: خديجة؟ فقال الرسول صلى الله عليه وسلم ” إني قد رزقت حبها ” رواه مسلم، وتحكي مداعبته لها وتلطفه وتودده لها بقولها: ” كنت أشرب وأنا حائض، ثم أناوله النبي صلى الله عليه وسلم فيضع فاه على موضع فيّ فيشرب، و أتعرق العرق – وهو العظم الذي عليه اللحم – وأنا حائض ثم أناوله النبي صلى الله عليه وسلم فيضع فاه على موضع فيّ” رواه البخاري.