مرافقة النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة لا تُنال بالتمني فقط، بلْ لابد من العمل لنيلها، والأسباب والأعمال التي توصل إلى مرافقة النبي صلى الله عليه وسلم وصُحْبته في الجنة كثيرة، منها: حبه وطاعته، والصلاة عليه، وحُسن الخُلُق، والاهتمام بتربية البنات وألأخوات، وكفالة اليتيم، وكثرة الصلاة.. وإذا كان لكل إنسان أمنية في حياته يسعى من أجلها، ويحرص على بلوغها، ويضحي بكل ما لديه ليصل إليها، فقد كانت أمنية الصحابي الشاب ربيعة بن كعب الأسلمي رضي الله عنه هي مرافقة النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة. وربيعة بن كعب الأسلمي رضي الله عنه من فقراء الصحابة رضوان الله عليهم الذين لم تكن لهم بيوت يسكنونها، والذين عُرِفوا في السيرة النبوية بأهل الصُفَّة وأضياف الإسلام، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: “وأهل الصُفَّة أضياف الإسلام، لا يأوون على أهلٍ ولا مال ولا على أحد” رواه البخاري. قال القاضي عياض: “الصُفَّة ظلة في مؤخر مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم يأوي إليها المساكين، وإليها يُنسب أهل الصُفة”، وقال ابن حجر: “الصُفَّة مكان في مؤخر المسجد النبوي مظلل، أُعِدَّ لنزول الغرباء فيه مِمَّن لا مأوى له ولا أهل”. وربيعة رضي الله عنه كان يلازم النبي صلى الله عليه وسلم ويقوم على خدمته، ويأتيه بوضوئه وكل ما يحتاج إليه، وله مع النبي صلى الله عليه وسلم موقف أفصح فيه عن أمنيته التي يتمناها، وهي أن يعتقه الله عز وجل من النار من النار، ويكون رفيقاً للنبي صلى الله عليه وسلم في الجنة، وشتان بين أمنية وأمنية، قال ابن القيم: “وإذا أردت أن تعرف مراتب الهِمم فانظر إلى هِمَّة ربيعة بن كعب الأسلمي رضي الله عنه، وقد قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: “سَلْنِي”، فقال: أسألك مرافقتك في الجنة، وكان غيره يسأله ما يملأ بطنه، أو يواري جلده”. يقول ربيعة بن كعب الأسلمي رضي الله عنه: “كنت أبيتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتيتُه بوَضوئِه وحاجته: فقال لي: سلْ، فقلتُ: أسألُك مرافقتَك في الجنة، قال صلى الله عليه وسلم: أو غير ذلك؟ قلت: هو ذاك، قال: فأعنِّي على نفسِك بكثرة السجود” رواه مسلم.