حلت بنا ذكرى يوم الطالب وهي المناسبة التي تذكِّرنا بموقف الطلبة الجزائريين التاريخي حيث قرروا من خلاله الالتحاق بالثورة ذات 19 مايو 1956 وكان ذلك انتصارا آخر للثورة بانضمام شريحة مثقفة من المجتمع وإضافةً نوعيةً في مسارها، وقد اثبت الطلبة من خلال هذا الموقف المشرف؛ أن رسالة الطالب هي أن يعيش آلام أمته وآمالها و تسكنَ في أعماقه همومُها ويسهمَ في صناعة حاضرها ومستقبلها ؛ وأنّ العلم قوةٌ لا تقلّ أهميةً عن السلاح في معركة الاستقلال ؛ بل هو أمضى منه لأنه نقيضُ مراد المستدمر الذي حرص منذ أن وطئت أقدامه الآثمةُ هذه الأرض أن يحول بين الجزائريين وبين العلم ووسائله واعياً بخطورة العلم والعلماء على مشروعه الظلامي ؛ فضلاً عن دوره في معركة بناء الإنسان والدولة بعد الاستقلال. قال تعالى “…قُلۡ هَلۡ يَسۡتَوِي ٱلَّذِينَ يَعۡلَمُونَ وَٱلَّذِينَ لَا يَعۡلَمُونَۗ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ ٱلۡأَلۡبَٰبِ “. وهي رسالة أخرى إلى طلبة العلم اليوم من خلال هذه الذكرى تناقلها الأجيال ؛ ومدلولُها أن ينخرط الطلاب دوماً في مشروع الأمة والإسهام في بناء حاضرها ومستقبلها بالعلوم والمعارف ومجاراة حركة العلم السريعة لنحرز نصراً آخر في معركة النهضة والخروج من التبعية التقنية والالتحاق بالعالم الأول بالعلم والعمل المقترن بالإيمان المهتدي بالعلم.
الجزء الأخير من خطبة الشيخ محمد مقاتلي