وقعت يوم 17 رمضان سنة 2هـ. وكان سببها أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أراد استعادةَ بعض ما أخذت قريش من المسلمين المهاجرين، من أموالٍ ومتاع، وذلك بالتعرُّض لقافلتهم الآتية من الشام بقيادة أبي سفيان، فخرج الرسول صلَّى الله عليه وسَلَّم يوم 8 رمضان سنة 2هـ، ولما علم أبو سفيان بخروج النبي صلَّى الله عليه وسَلَّم أرسل إلى مكة عمرو بن ضمضم الغفاري يستنفر أهلها؛ لحماية قافلتهم، فذهب إلى مكة، وقد حول رحله، وجدع أنف بعيره، وشق قميصه من قبل ومن دبر، ودخل وهو يُنادي: يا معشر قريش، اللطيمةَ اللطيمة! أي: القافلة… أموالكم مع أبي سفيان قد عرض لها محمد وأصحابه، لا أرى أن تدركوها، الغوثَ الغوثَ! فتجهزت قريش، وخرجت لحماية القافلة، ولم يتخلف منهم سوى أبي لهب.
استطاع أبو سفيان الفرار بالقافلة تجاه الساحل، وأرسل إلى قريش يُطمئنهم، ولكنَّ أبا جهل رفض إلاَّ أن يقاتل المسلمين. كان عدد المسلمين 314، معهم فرسان وسبعون بعيرًا يتعاقبون عليها، وكان عدد الكفار 950، معهم 100 فرس، و700 بعير. اجتمع رسولُ الله صلَّى الله عليه وسَلَّم بكبار أصحابه يستشيرهم في الأمر، خاصة الأنصارَ الذين بايعوه على حمايته ما دام في ديارهم، أَمَا وقد خرج، فقد لزم مشورتهم. اجتهد الرسول في الدعاء بالنَّصر على الأعداء، فكان يقول: “اللهمَّ إنَّ تهلك هذه العصابة، فلن تعبد في الأرض بعد اليوم”، حتَّى أشفق عليه صاحبه أبو بكر الصديق رضي الله عنه وبشَّره بموعود الله له، فنام رسول الله صلَّى الله عليه وسَلَّم واستيقظ، وقال: “أبشر يا أبا بكر، أتاك نصرُ الله، هذا جبريل آخذ بعنان فرسه يقوده على ثناياه النقع”.
اقترب الفريقان، واحتدم القتال، ونزلت الملائكة تُقاتل مع المسلمين، حتَّى كان بعض المسلمين يرفع سيفَه على المشرك، فتطير رقبة المشرك قبل أن يَهوي عليها السَّيف، وأراد أحد المسلمين أَسْرَ رجل مشرك، فأعانه عليه ملك من السماء. استشهد من المسلمين 14، وقتل من المشركين 70، منهم: أبو جهل، والنضر بن الحارث، وعقبة بن أبي معيط، وأمية بن خلف، وزمعة بن الأسود، وأسر مثلهم.