في اليوم الوطني للصحافة الذي يصادف الـ 22 أكتوبر من كل سنة، تم تخصيص جائزة للصحفي المحترف من طرف فخامة رئيس الجمهورية، والمؤكد في هذا الشأن أن مفهوم الاحترافية في الاعلام تختلف من إعلامي
لآخر. “الموعد اليومي” اختارت هذا الموضوع وتحدثت فيه مع بعض الصحفيين من مختلف وسائل الاعلام.
ضاوية خليفة (إعلامية بإذاعة البهجة):
مفهوم الاحترافية ثابت لا يتغير بتغير الأجيال

بعض المفاهيم لا تقترن بالأجيال، بل تشبه الضوابط تماما، كلام ينطبق إلى حد كبير على الصحافة التي لا تستقيم دون الالتزام بالموضوعية والاحترافية والحيادية وغيرها، وللحديث عن الاحترافية مثلا في وسائل الإعلام، يجب العودة إلى مدى احترامها لأخلاقيات المهنة التي أسست لتنوير الرأي العام ومدّه بالحقيقة، كما وردت، لا كما يريدها أصحاب الجرائد والقنوات، أولى مراتب الاحترافية هي أن تحترم هذه المهنة وتحاول قدر الإمكان الالتزام بمبادئها وتقديم الخدمة والمعلومة وتكون وسيطا بين كل الأطراف، وآخر المراتب أن تكون أمينا في نقل المعلومة وتكون حافظا لها، وتحترم مبدأ الاختلاف.
مفهوم الاحترافية في الاعلام واحد وثابت لا يتغير بتغير الأجيال، لكن الفرق في الأجيال الاعلامية نفسها، هذا الجيل مثلا لا يعي أو غير متشبع بثقافة واسعة عن أخلاقيات العمل الصحفي، وأكبر الخاسرين في ذلك طبعا القطاع الذي حقق قفزة هامة ومتأخرة (فتح قطاع السمعي البصري). هذا المكسب أعتبره انجازا مبتورا بعض الشيء، يعني تصور لو كانت كل هذه الإمكانيات والتقنيات متاحة للجيل الذي سبقنا، جيلنا يتعامل مع المعطيات بشيء من اللامبالاة والكسل. بالمقابل يجب تقاسم المسؤولية، فلا يمكن لوم المؤسسات التي لا توفر مرافقة وتأطيرا وتكوينا للصحفي فحسب، بل اللوم يطال أيضا الصحفي الذي يبحث في الهوامش والشكليات على حساب المضمون والجوهر الذي يكفل له تطوير قدراته، فأي خطوة يتقدمها الصحفي تنعكس بالضرورة على أدائه الاعلامي والمادة التي تصدرها القناة أو الجريدة أو الموقع الذي يعمل به، أغلب النقاشات حول الاعلام الجزائري تنحصر للأسف في نقاط تؤثر فعلا على الوسيلة وأدائها، ولهذا تغيب الأمور والمسائل الجدية عن نقاشاتنا، وسيلة إعلامية لا تسدد مستحقات عمالها الشهرية ولا توفر أدنى شروط العمل ماديا ومعنويا، ومعاقبة بحرمان الاشهار عنها، لا يمكن أن تجلس وتحاضر وتناقش أمورا أبلغ وأهم، في الأخير الاحترافية هي التزام أخلاقي ومهني وليست مجرد بطاقة يتحصل عليها الصحفي، بصراحة احترافية الأقلام أو الأصوات الإعلامية لا يمكن النظر إليها بمعزل عن وسائل الإعلام التي يعملون بها، ورفع مستوى المطالب والنقاش كفيل برفع مستوى الأداء الاعلامي، والتزام المؤسسة والصحفي بأخلاقيات وقواعد المهنة.
نبيلة سنجاق (وكالة الأنباء الجزائرية):
الاحترافية في الأداء الإعلامي ليست مجرد شعار
الدفعات المتتالية التي تلتحق بالحقل الإعلامي الجزائري، أو ما يسمى بالجيل الجديد تعيش اليوم مرحلة غير مستقرة في البنية الأساسية للمؤسسات الإعلامية، عدم استقرار اقتصادي له علاقة بالسلامة المالية للمؤسسة وعدم استقرار اجتماعي له علاقة بالوضع المترهل للصحفيين في مؤسساتهم وانعدام الظروف المهنية التي تضمن مستوى من الحقوق للصحفي وتحميه من السقوط في بؤر “الانحراف الإعلامي”، كذلك يواجه هذا الصحفي حياته المهنية غير مزود بما يكفيه لخوض غمار الميدان، فهو من اليوم الأول من التوظيف يوضع في موقف غامض، غير مزود إلا ببعض المعلومات النظرية التي تلقاها في الجامعة، والتي غالبا ما لا تتطابق وحقيقة العمل الصحفي في البلد. ولعل هذا الوضع المحرج هو الذي يدفع الصحفي الجديد إلى الارتجال، و الاعتماد على ذكائه العملي الذي قد يصيب وقد يخطئ أيضا !!
وهنا يمكن أن نجد عملا صحفيا محترفا في غياب هيكل إعلامي يؤطر هؤلاء، علما أن المؤسسة الإعلامية عندنا لا تستثمر في التكوين ولا تخصص ميزانية لذلك ولا تبحث عن شركات تخدم العمل الصحفي وتحسن من أدائه بشكل ينعكس على مصداقية الجريدة أو القناة، كما تحصن الصحفي من الوقوع في الأخطاء المهنية الكثيرة، وتعرضه لمساءلات قانونية بتهمة القذف أو التشهير أو سوء استعمال المصدر أو السرقة الفكرية.
الاحترافية أو المهنية في الأداء الإعلامي، ليست مجرد شعار ولا يجب أن تكون كذلك بمناسبة أو غير مناسبة كما هو حاصل الآن. الاحترافية هي أن نصل بالصحفي إلى مستوى ثقافي وعلمي ومهني يجعله متحررا من كل الإغراءات والأغلاط التي تنحرف به عن مسار المهنة التي تقدس الخبر أولا قبل السقوط في التعليق. كما بات من الضروري اليوم تجسيد تنظيمات نقابية ومهنية يستطيع الإعتماد عليها في فهم انشغال معين، إذ لا يمكن أن نحاسب هؤلاء على حسن الأداء والسياق العام للقطاع مهزوز وغير ثابت.
أحمد حفصي (قناة النهار):
نسير بخطى ثابتة نحو تكريس مفهوم الاحترافية
بعيدا عن لغة الشعارات التي تتغنى بها وسائل الإعلام الجزائرية.. مصطلح الاحترافية هو القاسم المشترك الغائب والذي يختلف مفهومه من مؤسسة لأخرى.. رغم أنه لا يمكن أن ننفي أن هناك عناوين لها تقاليد عريقة في المهنية والمصداقية، لكن للأسف كل العناوين متخندقة في معسكر على آخر وتخدم أجندة معينة تتماشى وطبيعة مالك المؤسسة ولا يمكن الجزم بأن مصطلح الاحترافية يمكن أن يجسد 100 في المائة.
مع ثورة السمعي البصري في الجزائر التي عرفت ميلاد عشرات القنوات التلفزيونية احتدم النقاش في أوساط عدة حول تقييم أداء هذه القنوات التي ظهرت في ظروف خاصة، وفي سياق محيط عام غير واضح المعالم، وهو ما انعكس على أدائها. نحن نرى أننا نسير بخطى ثابتة نحو تكريس مفهوم الاحترافية في معالجة كل الملفات رغم اعترافنا بأننا نقع في أخطاء وهفوات تحت مسمى السبق الصحفي والإثارة.. لا ننسى أن منتسبي القنوات الخاصة في غالبيتها من الجيل الجديد من الصحفيين خريجي الجامعة الجزائرية وغالبيتهم يفتقدون للخبرة وهو ما يجعلنا أحيانا في مرمى الانتقادات التي نتفهمها.. أخطاء نستدركها مع الوقت ونقيم دوريا أداءنا ونتقبل كل الانتقادات البناءة من أجل تقديم باقة إخبارية متوازنة وبرامج برسائل هادفة تتماشى وأذواق الجزائريين الاحترافية هي نتاج تراكمات ونحن نتعلم من كل الأخطاء ونصبو لأن نكون أكثر احترافية… مثلا نحن الآن تجاوزنا أخطاء سابقة مثل عدم تغطية وجوه الأطفال المتدخلين في برامجنا وأخبارنا. كمثال عن الطريق نحو الاحترافية، الآن نكيف أي موضوع من زوايا مختلفة.. ونتطلع دوما لأن نكون في مستوى تطلعات الجزائريين.
سارة نعيمة (قناة الشروق):
هناك جملة من المتغيرات طرأت على بعض المفاهيم الاعلامية

نجد أنه من المناسب جدا أن نشير إلى جملة من المتغيرات التي طرأت على بعض المفاهيم الإعلامية فرضتها التطورات المتسارعة التي شهدها حقل الإعلام وواكب التطورات التقنية بشكل واضح، وتكيّف مع أدوات التواصل الحديثة بكل تفاصيلها لكنه بقي إعلاما وهذا هو المهم، وفي المقابل هل قدم إعلام التواصل الاجتماعي شكلا جديدا من الإعلام لم نألفه مثلا؟ لا أعتقد ذلك، أيضاً لم يعد في مهنتنا إعلام مرئي فقط أو مسموع فقط أو مكتوب… هذه مسميات قديمة فمحطات التلفزة دخلت إلى الصحافة المكتوبة بمواقع إلكترونية والصحف جسرت المسافة بينها وبين الإذاعات ومحطات التلفزة بما تنتجه من مواد سمعية وبصرية، وأصبح التنافس شديدا لإنتاج المواد الإعلامية المكتملة بالصوت والصورة والكلمة بحكم التطور التكنولوجي وعليه لم يعد من مسوغ لاستخدام هذا التصنيف عند الحديث عن الإعلام ولعلنا نعود إلى التسمية الأصح وهي الإعلام المحترف.
محمد لمسان (إعلامي ومدير إنتاج بالقناة الأولى):
لابد أن تتوفر هذه العناصر لدى الصحفي لأداء مهمته أحسن

الاحترافية الاعلامية إذا أردنا تعريفها من الجانب الاصطلاحي القانوني، فهي أن تكون مهنة الصحافة هي مصدر الرزق الوحيد أو الأساسي، ولكن إذا نظرنا إليها من منظور مهني بحت، فالاحترافية هي أن يكون الاعلامي إعلاميا وكفى. لكن وللأسف هذا ليس موجودا في كل وسائل الاعلام الوطنية أو الدولية، فلا توجد أي وسيلة اعلامية في العالم محايدة وتلتزم بالمهنية المطلوبة..
طبعا هنا دون أن ننسى الجانب التقني والاجتماعي في المهنة فحتى يكون الصحفي في مستوى أدائه لمهنته، عليه أن يتوفر على كل الوسائل التقنية التي تساعده على أداء مهمته كما عليه أن يتحكم في مختلف هذه الوسائل خاصة منها تكنولوجيا الاعلام والاتصال والمعلوماتية، ناهيك عن الجانب المهني الذي لا مناص من أن يكون في أريحية تامة من حيث الأجر وجميع الحقوق المهنية.
محمد لعلامة (الدزاير نيوز):
الإعلام في الجزائر بقسميه العمومي والخاص يبتعد كثيرا عن الاحتراف

الاحترافية تعني أن يكون للصحفي تكوين نظري وعملي، وأن يكتب عن الأحداث وينقلها بكل موضوعية ونزاهة دون الخضوع لأي إملاءات أو ضغوط من أطراف معينة، وأن يتمتع بالحرية والاستقلالية في اختيار المواضيع ومعالجتها، كما تقتضي التحكم في التكنولوجيا الحديثة وحسن توظيفها في الحقل الصحفي من أجل تقديم خبر آني وشامل للجمهور، والاحترافية تعني أيضاً أن يتفرغ الصحفي للعمل الصحفي ويتخذ من الصحافة مهنة رئيسة له، وتتطلب الاحترافية مراعاة أخلاقيات المهنة وبناء علاقات جيدة مع زملاء العمل ومع مصادر الخبر والجمهور المخاطب، ولن يتأتى ذلك إلا بالأخذ بعين الاعتبار مجموعة من القيم وأخلاقيات المهنة (الصدق، الحياد، النزاهة، الابتعاد عن القذف والتهويل..). ويجب الإقرار أن الإعلام في الجزائر بقسميه العمومي والخاص يبتعد كثيرا عن الاحتراف.
الإعلامية سهام حواس:
لا نزال بعيدين جدا عن الاحترافية
لا تسمح لنا تجربتنا المتواضعة في ميدان الاعلام بإصدار الأحكام عن مدى احترافية الممارسة الإعلامية في الجزائر، لكن ممكن أن نتفاعل مع ما يحدث حولنا اليوم، فالاعلام لم يعد ذلك الميدان التقليدي الذي ينتظر فيه المتلقي الخبر دون أن يتفاعل معه، فقد منحت التكنولوجيا الحديثة ووسائل الاتصال الذكية الفرصة للقارئ أن يتفاعل وأن يكون مصدرا للخبر في الكثير من الأحيان، وهو ما يقلل من مصداقية الأخبار المتناقلة بصورة كبيرة جدا خاصة وأن العمل الإعلامي في الجزائر لا يزال بعيد جدا عن الاحترافية، فكثير من الصحف والمواقع أصبحت تعتمد على مواقع التواصل الاجتماعي في تجميع الأخبار بحجة السبق الصحفي، وهو ما ضاعف مخاوف من أن يغرق ميدان السمعي البصري في التجاوزات وعدم الالتزام بمعايير المهنية والاحتراف وأخلاقيات العمل الصحفي طمعا في الإشهار أو الخبطة الصحفية، وهو ما يؤكد أننا لا نزال بعيدين جدا عن الاحترافية.
كلمتهم: حورية/ ق