في اليوم الوطني لذوي الإحتياجات الخاصة… ”تمدرس المعاقين في الجزائر”  بين الجهود المبذولة والنقائص الموجودة

في اليوم الوطني لذوي الإحتياجات الخاصة… ”تمدرس المعاقين في الجزائر”  بين الجهود المبذولة والنقائص الموجودة

تحيي الجزائر اليوم الوطني لذوي الإحتياجات الخاصة هذه السنة، مع تنامي المساعي والدعوات لتحسين واقع هذه الفئة التي طالت معاناتها، معاناة لا يمكن حصرها في المنحة التي تقرر أخيرا زيادتها، لأن الفرد من هذه الفئة يواجه معاناة دائمة مع الممارسة اليومية للحياة، زادتها بعض العراقيل التي تكبح الطموح و تجعل من الإستمرارية أمرا صعبا و مستحيلا في أكثر الحالات.

يعد القرن العشرين البداية الحقيقية للاهتمام بقضايا ذوي الاحتياجات سواء في العالم أو في الجزائر، حيث تم إرساء قواعد ثابتة لرعايتهم، وقد توالت الجهود العالمية من أجل تحقيق المزيد من الاهتمام والرعاية بهم، منذ أن أعلنت الأمم المتحدة عام 1981 عاما دوليا للمعاقين، وإطلاق عقد الأمم المتحدة للمعاقين “1983 ـ 1992″، فضلا عن اهتمام المواثيق الدولية بذوي الاحتياجات الخاصة وإقرار حقوقهم، أهمها الحق في الحياة الكريمة وتوفير كافة أشكال الرعاية والاهتمام، مؤكدة أن الإعاقة ليست مرادفا للعجز أو الضعف، بل هي في كثير من الأحيان، حافزا ومولدا لطاقة كامنة تظهر لمواجهة التحديات.

الترخيص بالتسجيل حسب الظرف

رخصت وزارة التربية الوطنية، بتسجيل تلاميذ ذوي الاحتياجات الخاصة في أي مدرسة ابتدائية يرونها مناسبة لهم ولظروفهم، في التعليمة التي وجهتها  لمديريها التنفيذيين عند الشروع في تسجيل التلاميذ في أقسام السنة الأولى ابتدائي للموسم القادم، في الفترة الممتدة بين الفاتح أفريل و30 جوان القادم لمواليد 2014 حصريا، وهو ما سيسهل بطريقة ما على الأولياء اختيار ما يناسب ظرفهم لمزاولة ابنهم المعاق تعليمه.

الجزائر.. مساع جادة في انتظار النتائج

توفر الجزائر تعليماً خاصاً لذوي الاحتياجات الخاصة في المدارس مع ارتفاع أعدادهم، فبعضهم يتابع دراساته في أقسام عادية، في حين يدرس كثيرون في صفوف خاصة، بناءً على شروط متابعة التدريس وبحسب طبيعة الإعاقة أيضاً.

ويحتج الأولياء كثيراً على عدم توفير ممرات خاصة بذوي الإعاقة الحركية في غالبية المدارس، بحسب السيدة سليمة، التي قالت إنها تجد صعوبة في إدخال ابنها الصغير ذي الـ 12 عاماً إلى المدرسة، وخصوصاً أن صفه في الطابق الثاني، ويحتاج إلى ممر خاص يؤمن وصوله سالماً معافى.

وعند حديثها عن شروط تعليم التلاميذ من فئة ذوي الاحتياجات الخاصة، تدخّل أحد الأولياء مشيراً إلى انعدام تلك الشروط في مختلف المرافق الحكومية الكبرى ومنها المستشفيات والإدارات وغيرها، ولافتاً إلى “العذاب” الذي يعانيه صاحب الإعاقة الحركية مثلاً عند اضطراره للوصول إلى أحد مكاتب تلك المؤسسات.

واعتبر بعض محدثينا أن توفر التعليم لذوي الاحتياجات الخاصة “نعمة”، مع العلم أن هناك العشرات ممن منعتهم الظروف من التعليم، مثل بعد المدرسة عن مكان السكن، خصوصا في المناطق الريفية والنائية التي ترضخ للأمر الواقع وتمنع أبناءها من حظ الدراسة. وقالت إحدى الأمهات التي عبرت عن فخرها بأنها تفعل المستحيل من أجل ابنتها:” الدراسة متنفس، وهي بذلك ليست عالة على أحد”.

التحدي يصنع المعجزات

أحد أمثلة النجاح وتحدي الإعاقة في منطقته، هو رضوان الذي صار قدوة لأترابه وجيرانه وكل معارفه، بحسب صديقة كريم، الذي أكد “أن رضوان هو نجم الحي الذي يقطنه، منذ أن كان طفلاً ودخل المدرسة في إحدى المناطق النائية بولاية البليدة. وأضاف أن رضوان صار اليوم أحد كوادر مديرية الفلاحة بإحدى ولايات الجزائر، وإن حياته بدأت ولديه إعاقة حركية، وصار “صديقاً لكرسيه المتحرك” منذ صغره.

وتابع “هكذا ولد ولم يسأل يوما عن السبب ولماذا وكيف؟ والأهم في حياته أنه أكمل دراساته العليا في الإعلام الآلي، في المعهد الوطني لذوي الإعاقة الحركية بمنطقة بو سماعيل بولاية تيبازة، وتخرج منه خلال ثلاث سنوات”.

ويرى رضوان  أن رحلته الدراسية رغم أنها كانت شاقة وصعبة بالنظر إلى ظروفه وظروف عائلته، إلا أنها كانت الممر لنجاحه.

أما بالنسبة للمصابين بمرض التوحد فخصصت الوزارة أقساماً في العديد من المؤسسات التربوية لكي يتابع هؤلاء دراستهم، وخصوصا أن المصابين بالتوحد يحتاجون إلى معاملة خاصة ودروس متخصصة لتنمية قدراتهم الذهنية.

 

معاناة الأولياء بعد عجزهم عن التكفل المطلوب

قد تحمل المرأة على عاتقها وبشكل كبير مراعاتها لابنها المريض الذي يعاني من هذا المرض الذي قد يبدو لها غريبا، لكنها قد تجهل الكثير عن أعراضه التي لا تعلم عنها شيئا بسبب عدم بحثها في خبايا المرض فتقع في الخطأ وبدل التقويم والتوجيه تقوم بالضغط على الطفل المريض وإحباطه إحباطا شديدا.

مثل هؤلاء النسوة عبرت لنا “كريمة مختاري” وهي أم لطفل متوحد بلغ سن السادسة، أنها لم تكتشف مرض ابنها إلا مؤخرا رغم أنها لاحظت عليه بعض التصرفات الغريبة التي لا تدل على أنه طفل عادي وبعد الفحص وإجراء العديد من الاختبارات، اكتشفت مرضه الذي بات عبئا على العائلة وعلى الطفل في حد ذاته، فلا مدرسة تريد ادماجه والمدارس الخاصة التي تملك أقساما متخصصة لمثل حالة ابنها تطلب سعرا باهظا جدا لا يمكن لعائلة بسيطة أن توفره لكنها تضطر إلى الخضوع لهذه الجزية في الأخير بسبب عدم تواصل الابن مع الآخرين من جهة، وبسبب صعوبة التفاهم معه وعدم القدرة على تعليمه من الخطأ، ومن بين الأعراض التي تصيب المريض، تضيف ذات المتحدثة، أن الأطفال المصابين بالتوحد يهتمون بأشياء محددة فقط وتكرارها باستمرار وعدم الاهتمام بتعلم أي شيء جديد، بالإضافة إلى الصراخ الدائم والمتواصل سواء كان بسبب أو بدون سبب، وتبدأ هذه الأعراض عادة في الظهور في عمر الستة أشهر وفي بعض الأحيان تظهر في سن السنتين أو ثلاث سنوات وهنا تكون الأعراض واضحة جدا ويمكن تمييزها، ففي عمر الستة أشهر سوف يلاحظ على الطفل أنه لا يهتم بمن حوله أو يبتسم لهم ولا ينتبه عندما تناديه باسمه أو تلاعبه فيلاحظ على المصاب بالتوحد عدم استجابته لأوليائه أو لمن حوله بصفة عامة، ولهذا السبب بالذات يعيش الأولياء في دوامة كبيرة تقاذفهم من جهة عدم القدرة على مجابهة هذا المرض ومن جهة ثانية عدم إيجاد جهة طبية للتكفل بهم وحتى الجهة البيداغوجية التي غابت تماما عن الأوساط.

رفع عدد الأقسام إلى 800 قسم

تم رفع عدد الأقسام المتخصصة لتمدرس التلاميذ من ذوي الاحتياجات الخاصة إلى ما يقارب 800 قسم، عبر مختلف المؤسسات التربوية للوطن، بعد أن كان لا يتجاوز 656 قسما، وارتفع بالموازاة مع ذلك عدد المتمدرسين إلى أزيد من 7 آلاف تلميذ، الأمر الذي من شأنه تقليص قوائم الانتظار التي تسجل حاليا 4700 تلميذ 990 منهم تجاوزوا سن التمدرس، علما أنّ القائمة الوطنية كانت تسجل العام الماضي أزيد من 12 ألف تلميذ ينتظرون فرصتهم في التمدرس.

وتتوفر هذه الأقسام على التأطير اللازم بالاعتماد على الموظفين التابعين للوزارة والذين عملوا في وقت سابق بالمراكز المتخصصة للوزارة إلى جانب عدد من الشباب العامل في مجال التشغيل المؤقت.

 

لمياء بن دعاس