في اليوم العالمي لهم… “مرضى الباركنسون في الجزائر” من فجائية الإصابة إلى مكابرة العلاج

elmaouid

يعاني العديد من المصابين بمرض الباركنسون بالجزائر بسبب انقطاعات الأدوية الموجهة للاستطباب من هذا الداء، الذي أصبح يصيب الشباب كما الكهول والمسنين، أمام غياب التوعية والتعريف بالمرض الذي تحول

بحق إلى شبح مخيف.

وبالرغم من عدم توافر أرقام محددة عن ذلك، إلا أن الباركنسون أو ما يعرف بـ “الشلل الرعاش” انتشر في السنوات الأخيرة في الجزائر بوتيرة متسارعة بين عديد الفئات العمرية، فأصبحت العيادات والمستشفيات المختصة في أمراض الأعصاب تستقبل عشرات الحالات من أجل الكشف والتأكيد على الإصابة بالمرض، وهو ما يدخل الكثير من المصابين في دوامة القلق والاكتئاب والاستغراب من أسباب الإصابة.

 ونفى العديد من المصابين بمرض الباركنسون ممن تحدثنا إليهم حدوث أي مشاكل عصبية مسبقة لهم قبل اكتشاف المرض، لا سيما الشباب والعاملون منهم، وهو الأمر الذي يرجعه المتابعون للمرض إلى ضغوط الحياة اليومية والمهنية.

ويعرف التكفل بمرضى الباركنسون بالجزائر تذبذبا بسبب انقطاعات الدواء المعالج للأعراض، وهو ما يزيد من الضغوط النفسية للمصابين الذين يعتريهم القلق على مستقبلهم المهني والاجتماعي. 

وبحسب ما توضحه الدكتورة بن ديب مريم المختصة في جراحة الأمراض العصبية، فإن ردة فعل المريض بعد تلقيه العلاج تختلف من مصاب لآخر، كما يمكن للدواء أن يعطي أعراضا جانبية بعد سبع سنوات من تعاطيه، وهو ما يحيل العديد من المصابين إلى قاعات الجراحة من أجل إيجاد حل نهائي للمعضلة.

من جانبه، أكد البروفيسور عبد النبي بن عيسى مختص في جراحة المخ و الأعصاب بمستشفى سليم زميرلي بالحراش، أن علاج الباركنسون يتم بالاستطباب وملازمة الأدوية التي تخفي كل الأعراض تقريبا في السنوات الأولى في أكثر من 90 بالمائة من الحالات، غير أن هناك حالات تظهر عليها اضطرابات أو مضاعفات بعد أخذ العلاج، وهي الحالات التي نستقبلها في مصلحة جراحة المخ والأعصاب والتي نقترح فيها زراعة مشجع طبي، حيث تزرع بطارية في صدر المريض يتم ربطها بالمخ مباشرة في حركة مماثلة لما تقوم به الأعصاب التالفة.

 

أعراض مفاجئة وأخرى مرئية

ومن بين أهم أعراض مرض الباركنسون – أو الرعاش – الرجفة التي تكاد تكون غير مرئية في إحدى اليدين إلا أن ظهورها بشكل واضح يؤدي إلى متلازمة الجمود والابطاء في الحركة، وهو ما يمكن معه لأقرباء المصاب ملاحظته عن كثب، لتتبعه أعراض أخرى قد لا تظهر إجمالا عند المصابين، وهي صعوبة الكلام، فقد الحركة اللاإرادية، انعدام التوازن، وعدم القدرة على نصب القامة بشكل سوي والخرف.

ويظهر الباركنسون بشكل تدريجي وقد يحول حياة المصاب إلى مأساة، إن لم يتم التعامل معه بطريقة جيدة، لا سيما وأنه يتسبب في العديد من الاضطرابات، كالاكتئاب واضطرابات في النوم، ومشاكل في المضغ والبلع، ومشاكل في التبول والامساك، ومشاكل أخرى..، و لا يمكن أن يتم تشخيص مرض الباركنسون إلا من قبل طبيب عام متمكن أو طبيب أعصاب أو طبيب أمراض عقلية.

ويصاب المرء بمرض الرعاش أو الباركنسون بسبب موت أو عطل في خلايا المخ التي تنتج الدوبامين، وهو ناقل كيمياوي في الدماغ يساعد على تنظيم الحركة العضلية في كامل أطراف الجسم، ويعتبر الباركنسون أول مرض عصبي تم ايجاد دواء له بتوفير الناقل الحيوي الديبامين في عقاقير يتم تناولها بعد التأكد من الإصابة.

 

سبب المرض

تم ملاحظة أن بعض المواد خاصة مادة تنتج من صناعة الهيروين وتختصر بـ ( م.بي .تي .بي ) من الممكن أن تؤدي إلى الباركنسون الحاد، وطبعا هذه الحقيقة قوت النظرية التي تقول أن حتى مرض الباركنسون غير معروف السبب هو عبارة عن تراكم التعرض لمواد معينة موجودة في البيئة المحيطة لكنها غير معروفة حتى الآن، ومن الحقائق المدعمة لهذه النظرية أن المرض يزداد مع تقدم العمر، حيث أن معدل العمر عند الإصابة به هو الستين كذلك من الأمور المدعمة لهذه النظرية أن هناك غيابا لطفرة جينية معينة، وعادة لا يوجد تاريخ مرضي في العائلات للباركنسون، ومن الأمور المدعمة لهذه النظرية أن هناك ارتباطا ضعيفا تم إثباته بين مرض باركنسون والتعرض لبعض المواد في البيئة المحيطة مثل المبيدات الحشرية ونجارة الخشب، كذلك وجد أن الأشخاص الذين عانوا من إصابة في الرأس لديهم فرصة للإصابة بالمرض تفوق أولئك الذين لم يسبق لهم الإصابة في الرأس بأربعة أضعاف، كذلك وجد أن بعض الأدوية خاصة الأدوية المضادة للذهان تزيد من احتمال الإصابة بالمرض نظرا لأنها تقلل من كمية الدوبامين، كذلك فإن الأدوية الناهضة لمستقبل الدوبامين تزيد من احتمال الإصابة بالمرض وذلك لأنها تقلل من حساسية هذه المستقبلات لمادة الدوبامين.

 

التشخيص

يعتمد تشخيص مرض باركنسون على وجود الأعراض الثلاثة وهي التصلب والرجفة وبطئ الحركة، ومن الأمور المهمة جدا في التاريخ المرضي والتي تدعم تشخيصنا لهذا المرض عدم تأثير هذه الأعراض على جانبي الجسد بالتساوي في بداية المرض، أما تصوير الدماغ فلا يفيد إطلاقا في هذا المرض، كذلك فإن التصوير عن طريق إطلاق البوزيترونات هو عملية بحثية مطلقة ولا تفيد في التشخيص وهناك فحص التصوير عن طريق ناقلات الدوبامين في الدماغ، حيث يفيد في معرفة أن هناك تحطما للأعصاب في المنطقة السوداوية المخططة في الدماغ لكن هذا ليس خاصا بمرض الباركنسون حيث يمكن مشاهدته بأمراض عصبية أخرى، وعندما يكون هناك شك في تشخيص المرض، فإن المريض يعطى دواء مرض الباركنسون وذلك لقياس استجابته ومن ثم التأكد من التشخيص، ويجب تمييز مرض الباركنسون من الأمراض العصبية الأخرى التي تسبب بطئا في الحركة مع تصلب.

 

الأعراض الأساسية

من أهم الأعراض التي يعاني منها مريض الباركنسون، بطء في الحركة، ويلاحظ هذا البطء في الأعمال التي تتطلب أكثر من حركة مع تنسيق بين هذه الحركات مثل اللبس والحلاقة والكتابة، كذلك يتم ملاحظة قلة الحركة عن طريق ضعف في تعابير الوجه،

وهو ما يسمى وجه البوكر، وهي لعبة معروفة يتميز المحترفون بها بأنهم لا يعطون أي ابتسامة على وجههم هذا ما يميز مرض الباركنسون، كذلك فإن بطء الحركة عند مريض الباركنسون يؤدي إلى صعوبة في تغيير الجلسة أو الحركة، كذلك فإن بطء الحركة يؤدي إلى كلام بطيء وجار على وتيرة وحيدة، أما العرض الثاني الأساسي فهو تصلب في الحركة، حيث يزداد توتر العضلة وهو يختلف عن التشنجات، حيث يكون التصلب ثابتاً خلال جميع مراحل الحركة وهو ما يسمى صمل الماسورة الرصاصية، وعندما يكون مرتبطاً مع الرعاش يسمى هذا التصلب بصمل الدولاب المسنن أو الصمل المتقطع. أما العرض الثالث الأساسي فهو الرجفة أو الاهتزاز ويعرف بأنه حركة غير إرادية ومتكررة وإيقاعي غالباً ما يؤثر على طرف أو أكثر من الأطراف، وفي بعض الأحيان يؤثر كذلك على الرأس والجذع والفك مؤدّياً إلى ما يسمى بالترنح، تتميز الرجفة بتأثيرها بشكل أكبر على اليد ثم الطرف العلوي والسفلي ثم باقي الجسم، ويطلق على رعاش اليد رعاش دحرجة الجنة، ويتميز هذا الرعاش بوجوده في فترة الراحة وأنه يزداد مع التوتر والقلق ويخف مع الحركة، وتتميز هذه الأعراض في البداية بعدم وجودها على جهتي الجسم في نفس الوقت.

 

علاج مرض الباركنسون

رد الفعل الأولي على تلقي خبر الإصابة بمرض الباركنسون قد يكون حادا، دراماتيكيا وصعبا. ولكن، مع مرور الوقت، يقلص تناول الأدوية من الأعراض بحيث تصبح هذه قيد السيطرة، بدرجة مرضية. ويمكن أن يوصي الطبيب المعالج المريض بإجراء تغييرات في نمط حياته اليومي، مثل: اعتماد المعالجة الفيزيائية “العلاج الطبيعي”، التغذية السليمة الصحية وممارسة النشاط الجسماني، إضافة إلى تناول الأدوية. وفي حالات معينة، يمكن أن تكون المعالجة الجراحية ذات فائدة.

ق.م