* مسؤول مكتب اليونيسيف في الجزائر: “قانون الجزائر جيد ومتكامل”
تحيي الجزائر، اليوم، اليوم العالمي لحقوق الطفل، وهو اليوم الذي أوصت به الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1954 من أجل تعزيز رفاه الأطفال في العالم، ويمثل تاريخ 20 نوفمبر من عام 1959 اليوم الذي اعتمدت فيه الجمعية العامة إعلان حقوق الطفل واتفاقية حقوق الطفل في عام 1989.
أوصى مجلس حقوق الإنسان، بتعزيز المكتسبات التي حققتها الجزائر في مجال الاهتمام بالأطفال ورعايتهم والتمتع بكل الحقوق التي يضمنها لهم الدستور، وقال في بيان له “كلنا كدولة وكمجتمع مدني وكمواطنين، علينا واجب تعزيز الرعاية لأطفالنا في جو يسوده السلام والكرامة والصحة الجيدة والتعليم ذو الجودة”، معتبراً أن جهوداً “مشهودة” بذلت من قبل المجتمع الدولي في مجال حماية الأطفال وترقية حقوقهم، توجت بإعداد الاتفاقية الدولية المتعلقة بحقوق الطفل في 20 نوفمبر من سنة 1989، والتي صادقت عليها الجزائر في 19 ديسمبر 1992، وأوضح أن المناسبة سانحة لتجديد الالتزام بحماية حقوق كل طفل جزائري وكل الأطفال الموجودين على التراب الوطني، وذلك على قدم المساواة وعدم التمييز بينهم لأي سبب، داعياً جميع الفاعلين المؤسساتيين وغيرهم إلى مضاعفة الجهود من أجل ترقية وتعزيز حقوقهم وحمايتهم من كل أشكال العنف والآفات التي يمكن أن تمسهم.
المساس بحقوق 800 طفل في الجزائر خلال السداسي الأول
أفادت المفوضة الوطنية لحماية الطفولة، مريم شرفي أنه تم تسجيل المساس بحقوق 800 طفل خلال الستة أشهر الأولى من السنة الجارية في مختلف نواحي الوطن والمتعلقة بالحياة اليومية للأطفال في مظاهر مختلفة منها سوء المعاملة واستغلالهم في التسول وفي مختلف الأنشطة الاقتصادية أو تعنيفهم.
كما أثنت على الرقم الأخضر 11-11 للتبليغ عن انتهاك حقوق الطفل أو عن طريق “الوسط المفتوح”، الذي يعد من بين أهم آليات الحماية الاجتماعية للأطفال في الجزائر، مشيرة إلى أن الجزائر ”خطت خطوات كبيرة في مجال حماية الطفولة من خلال الترسانة الكبيرة من القوانين التي أصدرتها والمعاهدات الدولية التي انضمت إليها”.
تعريف التلاميذ بالرقم الأخضر لحقوق الطفل ضروري
كما أكدت رئيسة الهيئة الوطنية لحماية وترقية الطفولة، مريم شرفي، على ضرورة تعريف تلاميذ المدارس بالرقم الأخضر 1111 الخاص بالإخطار عن أي انتهاك لحقوق الطفل.
وأوضحت المفوضة الوطنية لحماية الطفولة حول ظروف التكفل بالأطفال على مستوى المؤسسات المخول لها حماية الطفولة، أن المفوضية التي ترأسها وضعت “عدة آليات لحماية هذه الفئة لا سيما منها الرقم الأخضر 1111 الواجب تعريف تلاميذ المدارس به.
فتعريف التلاميذ بالرقم الأخضر الذي يخص حقوق الطفل يمكنهم من حماية أنفسهم من خلال التبليغ عن أي اعتداء لفظي أو جسدي يمكن أن يتعرضوا له سواء على مستوى المحيط العائلي أو الوسط التربوي أو الشارع”.
وأضافت أن الرقم الأخضر “مجاني ويعد من أهم الآليات التي وضعتها الدولة للإخطار عن أي مساس بحقوق الطفل” وهو كما قالت، “مكسب هام” لهذه الفئة التي حرص المشرع الجزائري على حمايتها من خلال نص قانون حماية الطفل الصادر يوم 15 جويلية 2015 والذي أضحى يوما وطنيا للطفل الجزائري الذي يحتفى به كل سنة.
ودعت السيدة شرفي الأسرة التربوية لا سيما الأساتذة، إلى عدم التردد في الاتصال بهذا الرقم في حالة ملاحظتهم لأية تغيرات تطرأ على تلاميذهم تشير إلى تعرضهم لاعتداءات أو معاناتهم من مشاكل نفسية باعتبار أن الطفل يقضي معظم أوقاته بالمدرسة، متعهدة بالحفاظ على سرية هويتهم.
وأكدت المفوضة الوطنية لحماية الطفولة أن من بين أبرز الإجراءات التي شجعت على الاتصال بهذا الرقم الأخضر هو الحفاظ على هوية الشخص المتصل في حالة تفضيله ذلك، مشيرة إلى أن معدل الاتصالات الواردة على خلية تلقي الإخطارات التي تتشكل من أطباء نفسانيين وحقوقيين وأطباء، تناهز 10 آلاف إخطار يوميا.
وتتعلق هذه الإخطارات، حسب توضيحات السيدة شرفي، بالتعبير عن انشغالات تتعلق خاصة بكيفية التعامل مع الأطفال خاصة عند بلوغهم سن المراهقة، وتخص نسبة قليلة منها للتبليغ عن انتهاك لحقوق الطفل.
ولفتت إلى أن التكفل بالإخطارات يتوقف على نوع الخطر ويكون إما عن طريق مصالح الوسط المفتوح التابعة لوزارة التضامن أو عن طريق إخطار السلطة القضائية المتمثلة في قاضي الأحداث بهدف توفير الحماية القضائية للأطفال، فيما تستدعي حالات أخرى في حالة التأكد من ارتكاب جريمة في حق الطفل، إخطار وزير العدل لإمكانية تحريك الدعوى العمومية.
مسؤول مكتب اليونيسيف في الجزائر: “قانون الجزائر جيد ومتكامل”
من جهته، أكد مسؤول مكتب اليونيسيف بالجزائر اسلام بوخاري بأن القانون الذي أصدرته السلطات الجزائرية الخاص بالطفولة سنة 2015، يعد ”قانون متكامل وجيد”، كما أن إنشاء هيئة وطنية مكلفة بحماية الطفولة تعمل بالتنسيق مع كل الفاعلين في هذا المجال يعد ”أمرا هاما”، مضيفا أن من بين التحديات الحالية وضع آليات تطبيق القوانين وتكثيف العمل لعلاج تنامي ظاهرة العنف.
كما أشاد بوخاري بإنجازات الجزائر في مجال حماية الطفولة، والتي شهدت تقدماً ملحوظاً استناداً إلى عملية مسح قام بها مكتب الأمم المتحدة للطفولة، لا سيما في مجالي الصحة والتربية، مشدداً على أهمية إشراك الطفل وتمكينه من الدفاع عن حقوقه.
الأستاذ رشيد بودماغ: “ضرورة إقحام الإعلام للتعريف بآليات الحماية”
أما الأستاذ رشيد بودماغ من جامعة تمنراست، فقد أبرز في حديثه حول الآليات القانونية لحماية الطفل بالجزائر، أنها عرفت تطورا من خلال التعديلات التي أجريت عليها تماشيا وتنوع التهديدات التي تواجه الأطفال وخاصة التعديلات التي اجريت على قانون العقوبات لمعالجة بعض الاختلالات التي تخص انتهاك حقوق الأطفال، مبرزا ضرورة القيام بحملات تحسيسية واقحام الاعلام كشريك أساسي في سبيل التعريف بآليات الحماية.
تحذيرات من زيادة نسبة الإجرام وسط القصر
حذر رئيس الهيئة الجزائرية لترقية الصحة وتطوير البحث، مصطفى خياطي، من ارتفاع نسبة الإجرام وسط القصر، وشدد على أن 13 ألف طفل يتم تقديمهم إلى الجهات القضائية، كما عبر عن قلقه من تصاعد منحى الوفيات وسط هذه الفئة، إذ يتم تسجيل 10 آلاف وفاة سنوياً لأسباب مختلفة بارتفاع قياسي، إلى جانب تعرض 32 ألف طفل للاعتداءات الخطيرة، مشيراً إلى أن نسبة تفوق 50 في المئة من الأولياء لا يعرضون أبناءهم على الأطباء بعد تعرضهم للاعتداء.
مطالب بآليات حماية اجتماعية صارمة
يرى الحقوقي سمير ناصري، أن القانون الجزائري معروف عنه صرامته فيما يتعلق بحماية الأطفال، خاصة في حالات الاعتداءات الجنسية والاختطافات، التي تصل عقوباتها إلى الإعدام الذي يبقى من دون تنفيذ على الرغم من المطالب الشعبية المتكررة بضرورة تطبيقه عندما يتعلق الأمر بجرائم ضد الأطفال، مشدداً على أن الجزائر بحاجة إلى آليات اجتماعية سريعة وقوية تضمن التدخل في أي وقت لحماية الطفل من أي انتهاكات بما فيها داخل العائلة، من أجل ردع من تسول له نفسه المساس بـالبراءة.
وأوضح المتحدث أن الآليات المعمول بها حالياً تجاوزها الزمن على الرغم من أن التشريع جديد، فإن تطبيقه لا يزال يتبع أساليب قديمة، وقال إن الضحية تحتاج إلى رد فعل قوي وسريع لصالحها، ثم تأتي بعدها مرحلة الإجراءات القضائية والتحريات والتحقيقات الأمنية، فالقضية ليست مرتبطة بالتبليغ فقط، بل أيضاً بمنظومة مجتمع تحمي الأطفال أينما كانوا، في وقت الفراغ والدراسة والسفر، داخل الأسرة وخارجها.
الاعتداءات الجنسية على رأس الانتهاكات
ويبقى الاعتداء الجنسي الجريمة التي تتصدر قائمة الانتهاكات التي يتعرض لها الأطفال، وكشفت “الشبكة الجزائرية للدفاع عن حقوق الطفل”، عن تعرض أكثر من تسعة آلاف طفل لاعتداء جنسي سنوياً، مشددة على أن هذا الرقم يخص الحالات المعلن والمصرح بها فقط، ولا تشمل حالات الاعتداءات التي يتستر عليها أهالي الأطفال الضحايا، مرجعة السبب الرئيسي وراء تزايد حالات الاعتداءات الجنسية ضد الأطفال إلى هشاشة منظومة حماية الطفل، وأولها التستر على الجريمة لخوف أهل الضحية أو الضحايا، من رد فعل محيطهم.
50 في المائة من أطفال العالم يتعرضون للعنف كل عام
من أكثر المعلومات وضوحاً في زمن الحروب أن الأطفال هم الأكثر تضرراً على كل المستويات، فهم أهداف سهلة ولا قوة لهم ولا يمكنهم الدفاع عن أنفسهم، بل يقفون في موقفي المشاهد والمتضرر مباشرة من حروب وتقاتل الكبار، فكيف الحال إذا كانت أكثر الانتهاكات الستة شيوعاً هي تجنيد الأطفال واستخدامهم في الحرب والقتل والعنف الجنسي والاختطاف والهجمات على المدارس والمستشفيات والحرمان من وصول المساعدات الإنسانية. فهذا يحتاج إلى صرخة عالمية للدفاع عن الأطفال ضحايا العدوان.
هل تفيد الاعترافات؟
ما زال الأطفال منذ سنوات خلت، وعلى رأسهم الفلسطينيون، يتعرضون للترويع والقتل في الحروب المتكررة، وكذلك في مناطق مختلفة في العالم، حيث لم يتمكن الاحتفال السنوي بهذا اليوم من التذكير بحال هؤلاء الأطفال الذين يعيشون في أرض المعركة من دون أن يكون لهم أي علاقة أو تأثير في أسباب ونتائج هذه المعارك الحربية التي لم تنته حتى اليوم.
هذا، واعترفت ألمانيا، وللمرة الأولى في تاريخها، بأنها ارتكبت “إبادة جماعية” ضدّ شعبي “الهيريرو” و”ناما” في ناميبيا خلال استعمارها هذا البلد قبل أكثر من قرن، وسيكون تعويضها عبارة عن مساعدات تنموية للدولة الإفريقية.
وكان المستعمرون الألمان قد قتلوا عشرات الآلاف من أبناء شعبي “الهيريرو” و”ناما” في مذابح اعتبرها العديد من المؤرّخين أول إبادة جماعية في القرن الـ 20، وكان من بين هؤلاء الضحايا عدد كبير من الأطفال والنساء، وأسفرت هذه المذابح بين 1904 و1908 عن مقتل ما لا يقل عن 60 ألفاً من أبناء شعب “الهيريرو” ونحو 10 آلاف من أبناء شعب “ناما”، واستخدمت القوات الاستعمارية الألمانية لإخماد هذا التمرّد تقنيات إبادة جماعية شملت ارتكاب مذابح جماعية والنفي في الصحراء، حيث قضى آلاف الرجال والنساء والأطفال عطشاً، وأُرسلت عظام بما فيها جماجم ضحايا إلى ألمانيا لإجراء تجارب علمية عنصرية.
كما قدم رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، اعتذارات رسمية عن اعتقال أكثر من 600 إيطالي خلال الحرب العالمية الثانية، وعن الأضرار التي لحقت بالجالية الإيطالية الكندية، ففي 1940، وبعد دخول إيطاليا الحرب كحليفة لألمانيا، تم تصنيف نحو 31 ألف كندي من أصل إيطالي كـ “رعايا لدولة معادية” على الرغم من كونهم كنديين، وكان هذا التمييز ذا تأثير كبير على الأطفال من الجالية الإيطالية في كندا.
انتهاكات بالجملة
الأرقام الصادرة عن الأمم المتحدة حول الأطفال المعرضين للعنف خلال النزاعات والحروب تجعلنا نفكر في ما إذا كنا لا نزال في القرون الوسطى، أم أننا كبشر ننطلق فعلاً إلى استكشاف الفضاء، بينما على الأرض ما زال 50 في المئة من أطفال العالم يتعرضون للعنف كل عام، بينما يقتل كل خمس دقائق طفل بالعنف، ويتم تجنيد آلاف الفتيان والفتيات في الميليشيات المسلحة كمقاتلين وطهاة وحمالين وسعاة، كما يتم تجنيد الفتيات لأغراض جنسية أو للزواج القسري، ويتم تجنيد العديد منهم قسراً، على الرغم من أن البعض ينضمون نتيجة لضغوط اقتصادية أو اجتماعية أو أمنية.
وأسهمت منظمة “اليونيسف” في إطلاق سراح أكثر من 100 ألف طفل من الميليشيات المسلحة حول العالم، وأعيد دمجهم في مجتمعاتهم المحلية منذ عام 1998 في أكثر من 15 بلداً تجري فيها حروب أهلية. وفي عام 2010، دعمت “اليونيسف” إعادة دمج نحو 11400 طفل كانوا مرتبطين سابقاً مع الميليشيات المسلّحة، وينتشر تجنيد الأطفال في الصراعات الدائرة في أفغانستان وأنغولا وبوروندي وجمهورية إفريقيا الوسطى وكولومبيا وساحل العاج وجمهورية الكونغو الديمقراطية وغينيا بيساو وليبيريا وموزمبيق ونيبال ورواندا وسيراليون والصومال وسريلانكا والسودان وأوغندا، وفي 10 ماي 2019، أفرجت مجموعة مسلحة تدعى “فرقة العمل المدنية المشتركة” في شمال شرقي نيجيريا عن 894 طفلاً كانوا مجندين في صفوفها، من بينهم 106 فتاة، بحسب ما أعلنت منظمة “اليونيسيف” التابعة للأمم المتحدة.
“مذابح الأرمن”… حقائق التاريخ تتجاوز التأويل
ويشكل الأطفال ما يقرب من نصف 900 مليون شخص تقريباً من الذين يعيشون بأقل من 1.90 دولار في اليوم، وتكافح أسرهم من أجل تغطية تكاليف الرعاية الصحية الأساسية والتغذية اللازمة لتوفر لهم بداية قوية. وترك هذا الحرمان بصمات دائمة، ففي عام 2014، عانى ما يقرب من 160 مليون طفل من التقزم.
هناك ما يقرب من 250 مليون طفل يعيشون في البلدان والمناطق المتضررة من الصراعات المسلحة خاصة في سوريا، وفي أفغانستان، تم تسجيل أكبر عدد من الضحايا من الأطفال في عام 2015 منذ أن بدأت الأمم المتحدة بتوثيق ممنهج لسقوط ضحايا من المدنيين في عام 2009.
في الصومال، زاد عدد الانتهاكات المسجلة ضد الأطفال إلى 50 في المئة مقارنة مع عام 2014، وشمل ذلك تجنيد مئات عدة من الأطفال وإساءة معاملتهم وقتلهم وتشويههم. وفي جنوب السودان، كان الأطفال ضحايا لكل الانتهاكات الجسيمة الستة، لا سيما خلال الهجمات العسكرية الوحشية ضد قوات المعارضة.
نزوح وهجرة وقتل
هناك الملايين من الأطفال، وكثيرون منهم غير مصحوبين بذويهم أو منفصلين عن أسرهم ينزحون بسبب النزاع المسلح، هؤلاء الأطفال هم عرضة لمخاطر عالية من الانتهاكات الخطيرة، ومطلوب على وجه السرعة القيام بإجراءات للتخفيف من محنة الأطفال المشردين بسبب النزاع المسلح، وتشجع الأمم المتحدة الدول الأعضاء على احترام حقوق الأطفال المشردين واللاجئين وتقديم خدمات الدعم اللازمة لهم.
على مدار 15 عاماً، كانت الأهداف الإنمائية للألفية بمثابة قوة توجيهية بشأن العديد من القضايا التي تؤثر على حياة الأطفال والشباب وأسرهم. وخلال هذا الوقت، تم إحراز تقدم هائل في الحد من وفيات الأطفال التي يمكن تجنبها، وتسجيل المزيد من الأطفال في المدارس والحد من الفقر المدقع وضمان المزيد من الناس في الحصول على المياه الصالحة للشرب والطعام المغذي.
ق. م