في أول إبداع أدبي لها… ليندة نوال تباني تروي قصة حب بين الأمل والألم

elmaouid

تحكي الكاتبة ليندة نوال تباني في روايتها الأولى “L’éloge de la perte” “مدح الخسارة” المفعمة بشعرية ملفوفة في أنغام الموسيقى الأندلسية وسط عبق مدن باريس والجزائر وقسنطينة، قصة حب معقدة تستكشف

فيها الرغبة والانتظار والأمل وكذا الألم.

 فقد اختارت الكاتبة في هذا العمل الذي يقع في 128 صفحة والصادر عن منشورات “ميديا بلوس” أسلوبا خاصا في الكتابة جعل الموسيقى والمكان عنصرين هامين في القصة، إلى جانب العواطف عوض الاعتماد على الأحداث والسرد.

وتسترسل المؤلفة في حكاية حب مستحيلة بين زينة فتاة من أصول جزائرية تعيش بفرنسا وعشيقها الجزائري وهو إطار في مؤسسة كبيرة. كان لقاؤهما في باريس صدفة، لكن عشقهما للمالوف قرّب بينهما.

وتتواصل أحداث القصة بقسنطينة التي قدمت إليها زينة بغرض تعميق معرفتها في فن المالوف والشعر، وتكتشف بالمناسبة مدينة “الجسور المعلقة” التي تعلّق بها عشيقها إلى حد الجنون، لكنها تكتشف إلى جانب ذلك عذاب الفراق وعمق المشاعر التي تكنها لهذا الرجل الذي أصبح “غير متاح” بالنسبة لها بسبب حياته الأسرية ومسؤولياته.

ويتراجع فجأة سرد القصة المبني على أسلوب ملتوي غير مكترث بالترتيب الزمني، تاركا المجال لنص تأملي متصوف قريب من المناجاة الفردية لفقدان شخص عزيز والانتظار والعذاب الذي يسببه ذلك.

وتقدم ليندة نوال تباني في هذه الرواية وصفا دقيقا ومطولا للفراق مع تسريب سلس من حين لآخر للأشعار التي تغنى في المالوف مكتوبة بالحرف العربي ومرفقة بترجمة فرنسية.

وكثيرا ما تختلط في النص عواطف زينة تجاه عشيقها مع حبها لمدينة قسنطينة التي اكتشفتها وعاشت بها فترة من الزمن، وفي وصفها قسنطينة بمدينة “فخمة لكن جريحة دائما بسبب غزاتها وعشاقها تشابه كبير مع شخصية زينة التي تحاول عبثا إخفاء جرحها العميق بمرح وهمي لتبقى حبيسة جروحها.

وعلى نهج رواد الأدب الجزائري، تقوم صاحبة الرواية بتذويب شخوصها في الأماكن والعواطف كما هو الحال عند حديثها عن مدينة الجزائر التي تصفها بـ “مدينة مستسلمة أمام الهجمات التي تستعبد رجالها وعشاقها”. 

وتتميز هذه الرواية القريبة من النص الفلسفي باستعمالها السرد للحديث عن حب وفقدان المحبوب باستحضار صاحبة النص لفنون أخرى في نص أدبي مثل الموسيقى والغناء، إلى جانب أشعار المالوف المكتوبة بالحرف العربي والمترجمة للفرنسية من

طرف الكاتبة.

واشتغلت ليندة نوال تباني وهي أستاذة ودكتورة في الأدب وباحثة بمركز البحث في الأنثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية (كراسك) كثيرا على موضوع “جزائرية الأدب” في عدة بحوث، إضافة إلى أطروحات حول الرواية الجزائرية الجديدة.